دُنْبَاوَنْد ، ويقال : إن الذي شدَّه أفْرِيذُون الذي كان مسح الدنيا فبلغت أربعة وعشرين ألف فَرْسخ.
قلت : وهذا كلُّه باطل لا يؤمِنُ بمثله إلا أحمق لا عَقْلَ له.
وقال الليث في قول الله جلّ وعزّ : (فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ) [هُود : ٧١] أي طَمَثت. قلت : وروى سَلَمة عن الفَرّاء في تفسير هذه الآية ، لمّا قال رُسُل الله جلّ وعزّ لِعبدِه وخَلِيله إبراهيم : (لا تَخَفْ) [هود : ٧٠] ضَحِكَتْ عند ذلك امرأَتُه وكانت قائمة عليهم وهو قاعد فضَحِكت فبُشِّرَت بعد الضحِك بإسْحاق وإنما ضَحِكت سروراً بالأمن لأنها خَافت كما خاف إبراهيم.
وقال بعض أهل التفسير : هذا مُقَدَّم ومؤخَّر ، المعنى فيه عندهم فبَشَّرْنَاها بإسْحاق فضحكت بالبِشَارة.
قال الفَرّاءُ : وهو مما يحتمله الكلام والله أعلم بصوابه.
قال الفَرّاءُ : وأما قولهم فضحِكت : حَاضَت فلم نسمعه من ثِقَة.
وقال أبو عمرو : سمعت أبا موسى الحَامِض يسأل أبا العباس عن قوله (فَضَحِكَتْ) أي حَاضت ، وقال : إنه قد جاء في التفسير فقال : ليس في كلام العرب ، والتَّفْسِير مُسَلَّمٌ لأهل التفسير ، فقال له : فأنت أنشدتنا :
تَضْحَكُ الضَّبْعُ لِقَتْلَي هُذَيلٍ |
وَتَرَى الذِّئْبَ بِهَا يَسْتَهلّ |
فقال أبو العباس : تَضْحَك هَهُنا تَكْشِر ، وذلك أن الذئب ينازعها على القتيل فتَكْشِر في وَجْهه وعِيداً فيتركها مع لحم القتيل ويَمُر.
وأخبرني المُنْذِرِي عن أبي طالب أنه قال : قال بعضهم في قوله فَضَحِكَتْ : حَاضَتْ.
قال : ويقال : إن أصله من ضَحَّاك الطَّلْعة إذا انْشَقَّت. قال : وقال الأَخْطَلُ فيه بمعنى الْحَيْض.
تَضْحَك الضبْع من دِماءِ سُلَيْم |
إذْ رأَتْها على الحِدَاب تَمور |
وكان ابن عباس يقول : ضحِكَت : عَجِبت من فزع إبراهيم.
وقال الكُميْت :
وأَضْحَكَتِ الضِّبَاعَ سُيُوفُ سَعْد |
بِقَتْلَى ما دُفِنَّ وَلَا وُدينَا |
قال : وقال بعضهم : الضَّحِك : الطَّلْع.
قال : وسمعنا من يقول : أَضْحَكْتَ حَوْضَك إذا ملأته حتى يفيض.
وقال أبو ذُؤَيْب :
فجاء بِمزْج لم يَرَ الناسُ مثلَه |
هو الضَّحْك إلا أنه عمل النَّحْل |
قالوا : هو العَجَب وهذا يُقَوِّي ما رُوي عن ابن عباس.
وقال أبو إسْحاق في قوله : (وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَتْ) [هود : ٧١] يُروَى أنّها ضَحِكت لأنَّهَا كانت قالت لإبراهيم : اضمُمْ لُوطاً ابن أَخِيك إليك فإنِّي أَعْلَم أَنّه سَيَنْزِل بهؤلاء القوم عذابٌ ، فَضَحِكَت سُرُوراً لمَّا أَتى الأمر على ما توهَّمَت. قال : فأما من