القرآن الكريم وإليه ينسب القول المشهور :
« الإدغام كلام العرب الذي يجري على ألسنتها ولا يحسنون غيره» (١).
وقد قال ابن الجزري عن عدد ما أدغمه أبو عمرو في القرآن : « جميع ما أدغمه أبو عمرو من المثلين والمتقاربين ، ألف حرف وثلاثمائة وأربعة أحرف » (٢).
والحق أن أبا عمرو بن العلاء قد توسع في الادغام حتى أنكروا عليه إدغامه الراء عند اللام في قوله تعالى :
( يغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر لو كنتم تعلمون ) (٣) [ إذ قرأها يغفلكم ].
قال الزجاج : إنه خطأ فاحش ؛ ولا تدغم الراء في اللام إذا قلت : « مرلي » بكذا ، لأن الراء حرف مكرر ، ولا يدغم الزائد في الناقص للإخلال به ، فأما اللام فيجوز إدغامه في الراء ، ولو أدغمت اللام في الراء لزم التكرير من الراء. وهذا إجماع النحويين (٤).
وقال أبو عمرو بن العلاء بالادغام الكبير لشموله نوعي المثلين والجنسين والمتقاربين ، ويعني بالمثلمين ما اتفقا مخرجاً وصفة ، والمتجانسين ما اتفقا مخرجاً واختلفا صفة ، وبالمتقاربين ما تقاربا مخرجاً وصفة (٥).
وعمد القرّاء رضوان الله عليهم إلى جعل الحروف المدغمة على نوعين من التقسيم (٦).
الأول : الحروف التي تدغم في أمثالها ، واصطلحوا عليه المدغم من
__________________
(١) ابن الجزري ، النشر في القراءات العشر : ١|٢٧٥.
(٢) ظ : السيوطي ، الاتقان في علوم القرآن : ١|٢٦٦.
(٣) نوح : ٤.
(٤) ظ : الزركشي ، البرهان في علوم القرآن : ١|٣٢٢.
(٥) ظ : السيوطي ، الاتقان : ١|٢٦٣ وما بعدها ، وأنظر مصدره.
(٦) قارن في هذا بين الجزري ، النشر : ١|٢٨٠ وما بعدها + السيوطي ، الاتقان : ١|٢٦٤ وما بعدها + ابن يعيش ، المفصل : ١٠|١٥٠ وما بعدها.