إذا أشبعتها ومددتها أصبحت ياءّ ، وحركة الضمة إذا أشبعتها ومددتها أصبحت واواً.
فكأن ابن جني يشير بذلك إلى التفاوت في كمية النطق ونوعيته ، فما يسمى بالألف عبارة عن فتحة ممدودة ، وما يسمى بالياء عبارة عن كسرة ممدودة ، وما يسمى بالواو عبارة عن ضمة ممدودة ، والعكس بالعكس.
وقد أفاد من هذا الملحظ الدقيق علماء التلاوة والأداء القرآني ، فنظموا قواعدهم تنظيماً اقتطعوه من علم الأصوات في هذا المجال في كل من المد والأشمام ، والإبدال والإعلال ، والترخيم والإدغام فكان « علم التجويد ».
أما الصوامت من الأصوات عند علماء العربية ، فقد وفق د. عبد الصبور شاهين إلى استقرائها بعامة ، فأعطى لكل صامت خصائصه في العربية من حيث المخرج والصفة ، وذلك من خلال متابعة جيدة للمناخ الأصواتي العالمي ، واضعاً نُصب عينيه برمجة العلماء العرب للأصوات ، فصنع جدولاً فنياً وزع فيه الصوامت العربية على مخارجها وصفاتها ، مقارناً ذلك بالقيم الأصواتية المماثلة في اللغات الأوروبية الحية ، بحيث أعطى كل صوت من الصوامت مميزاته الدقيقة بالشكل الفني المقبول ، أنموذج ذلك الأمثلة الثلاثة التالية من تخطيطه المقارن ، والتي اخترناها للتنظير على صحة ما توصل إليه العرب في صفات الأصوات من مخارج مختلفة ، قد تعطي كشفاً لملامح الأصوات.
هذه الأصوات الثلاثة هي : الباء ، اللام ، الشين ، يقول عنها :
١ ـ الباء : صامت شفوي مزدوج ـ إنفجاري ( شديد ) ـ مجهور ـ مرقق. وهو يقابل في اللغات الأوروبية رمز(B) وليس في العربية صامت يقابل الرمز (P) وهو يختلف في قيمته الأصواتية عن باء العربية بالهمس فقط ، مع اتفاق الصوتين في القيم الأخرى.
٢ ـ اللام : صامت أسناني لثوي ـ مائع ( متوسط ) ـ مجهور ـ جانبي ـ مرقق دائماً ؛ إلا في لفظ الجلالة ، فإنه يفخم إذا كان الانتقال إليه من فتح أو ضم ، فأما إذا كان الانتقال من كسر فإنه يرقق على أصله.