فقد استعمل الخليل كلمة ( حرف ) للدلالة على إرادة ( صوت ) منها ، فكانت الأصوات عنده هي : الحروف الذلق | الحروف الشفوية | حروف الحلق | حروف أقصى الحلق | الحروف الصحاح | الحروف الصم | حروف الجوف | حروف اللين | حروف مابين عكدة اللسان | الحروف اللهوية | الحروف الشجرية | الحروف الأسلية | الحروف النّطعية | الحروف اللثوية ... إلخ (١).
وهو يريد بذلك ، أصوات الذلاقة ، وأصوات الشفة ، وأصوات الحلق ، وأصوات أسلة اللسان .... الخ.
ولا يكتفي بهذا حتى يسمي هذه الأصوات بالإضافة إلى مخارجها ومدارجها ، ناظراً إلى هيئة المخرج من المدرج ، وما يصطدم بها من أجهزة النطق أو يتجاوزها باندفاع الهواء ، فيصفها في مثل النحو الآتي :
فمنها ما يخرج من الجوف وليس لها حيّز تنسب إليه سواه ، ومنها ما يقع في مدرجة من مدارج اللسان ، وما يقع في مدرجة من مدارج الحلق ، وما يقع من مدرج اللهاة ، وما هي هوائية ، أي أنها في الهواء كالألف اللينة والواو والياء (٢).
٢ ـ يبتدع الخليل في هذه المقدمة أمراً ذا أهمية قصوى في حياة الأصوات ، فيصنع ـ وبدقة متناهية ـ مخططاً شاملاً لمخرج كل صوت ، ويقارن بين بعض الأصوات ، فيضعها في حيّز متميز عن حيّز الأصوات ألأخرى ، ويعطي بعض الخصائص المفرقة لصوت عن صوت ، ويعالج إلحاق بعض الأصوات ببعض المخارج دون سواها ، فتقف عند العلة والسبب ، وتستظهر العلة التي تخفى ولا تكاد تبين ، يقول الخليل في هذا التخطيط :
« فاقصى الحروف كلها العين ثم الحاء ، ولولا بحة في الحاء لأشبهت العين لقرب مخرجها من العين.
ثم الهاء ، ولولا هتة في الهاء لأشبهت الحاء لقرب مخرج الهاء من
____________
(١) (٢) ظ : الخليل ، كتاب العين :١|٥٣ ـ ٥٧.