٢ ـ مع الكتاب
يبحث الكتاب عن أصول الدين ، والعلم المتكفّل لمثل هذا البحث هو « علم الكلام ».
ويتميّز ـ بينَ العلوم ـ بوجوبه العينيّ على كلّ مُنْتَمٍ إلى الدين الإسلاميّ الحنيف ، بل على كلّ انسان يتمتّع بنعمة العقل ، ومخاطب بنداء الضمير والفطرة ، حيث تدعوه إلى البحث عن المسائل الأساسية المطروحة في هذا العلم.
وقد سلك العلماء مناهج عددةً للوصول إلى « إثْبات هذه الحقيقة » وتوضيح هذا الوجوب ، وايصال ذلك الخطاب ، وتوجيه تلك الدعوة.
ويمكن اختصار القول في ذلك بأنّ الالتزام بعقيدة محدّدة ، وهو الأساس اللازم ليرسم الانسان خُطّةً معيّنة يسير عليها في حياته ، وكلّما كان الأساسُ قويماً رصيناً ، كانت الخطّة المبتنيةُ عليه والمرسومة حسبه موصلةًً ، شاملةً موثوقةً.
ومن الواضح ، أنّ الانسان ـ مهما كانت اتّجاهاته وقدراته وتطلّعاته ـ فإنّه مجبول على الفطرة السليمة ، وموهوب له العقل الهادي ، فهو ـ لو خُلّيَ وطبعه ـ يحسّ بهاجس هذين العاملين ، فلا بدّ أن يحسّ بضرورة مثل هذا المعتقّد ، ويتوجّه إلى لزوم مثل تلك الخطّة.
وإنّ من أهمّ ما يعتني به علماءُ الكلام ، ويُحاولون ابراز قدراتهم العلمية ، وابداعاتهم المنهجيّة فيه ، هو ابراز هذه الحقيقة واثباتها ، ولهذا ـ بعينه ـ اختلفت مناهجهم ، وتعدّدت اساليبهم في عرض الكتب والمؤلّفات.
* * *