فَصْلٌ
[ في الصانع وصفاته ]
لمّا ثَبَتَ أنّ المتغيّرَ مُحتاجٌ ، والعالَم ـ بجميع أجزائه وتركيبه ـ مُتغيّر فهو مُحتاجٌ ، والمحتاجُ لا بُدّ له من مُحتاجٍ إليه ، وهو صانعه.
ولمّا ثَبَتَ هذا ، فلا بُدَّ أنْ يكون هو غنيّاً من كلّ وَجهٍ :
إذْ بَيَّنّا أنَّ الحاجة عِلّةٌ لإثبات المحتاج إليه ، فَهُوَ ـ بذاته ـ مُستَغْنٍ كلّ شيءٍ ، فيكون واجبَ الوجودِ بذاتهِ ، وكلُّ شيءٍ سواه يحتاج اليه.
وإذا كان مُؤثّراً ؛ فلا بُدَّ أنْ يكونَ وَجْهٍ يَصِحُّ أنْ يفعلَ ، ويَصِحُّ أنْ لا يفعلَ ، وهذا معنى كونه قادراً.
ولمّا ميَّزَ بين أجزاءِ الأفعالِ ، وقَصَدَ بَعْضَها دُون بَعْضٍ ، ورَكَّبَها على وَجْهٍ تَصْلُحُ للنَفْعِ ، واستَمَرَّ ذلك منه ؛ دَلَّ على كَوْنِهِ عالِماً.
* * *