فَصْلٌ
في الكلام في العَدْلِ والوعدِ والوَعيدِ
الطاعةُ : فِعْلٌ يُعرّضُ العبدَ لِعِوَضٍ مع التَعْظيمِ ، ويُسمّى ذلك العِوَضُ المقارِنُ « ثواباً ».
والمَعْصِيَةُ : فِعْلٌ يُفْضي إلى عِوَضٍ يُقارِنُ الاستخفافَ ، ويُسمّى ذلك « عقاباً ».
والعَبْدُ مخلوقٌ على أنّهُ يَقدرُ على اكتسابِ كِلَي الطرفين ، وإلى ذلكَ أشارَ بقولِهِ تعالى : ( وَهَدَيْناهُ النَّجْدَينِ ) [ الآية ( ١٠ ) من سورة البلد ( ٩٠ ) ] طريق الخَيْرِ ، وطريق الشَرّ.
وَلَوْ لم يَقْدِرْ على ذلك ؛ لما أمَرَهُ اللهُ تعالى ولا نهاهُ ، كما أنّهُ لم يأمرهُ بتغيير هيئاتِهِ ، وألوانِهِ ، وأشكالِهِ ، التي لا يَقْدِرُ الإنسانُ على تَغييرها.
وإذا ثَبَتَ هذا ؛ فالعبدُ مُعَرَّضٌ بالطاعاتِ والتكاليفِ العقليّةِ والشرعيّةِ ، لعوضٍِ مقارنٍ للتعظيم ، وَهُوَ « الثوابُ ».
وهذا هو الذي بيّنّا أنّ العبدَ مخلوقٌ لَهُ ، وَهُوَ أنّهُ خُلِقَ لا لانتفاعِ الخالِقِ ، بل لانتفاعِ الخلقِ.
وكلّما كان النفعُ أجلَّ وأجمَلَ ؛ دلَّ على أنّ فاعلَهُ أجودُ وأكملُ.
وأجلُّ المنافع أنْ تكونَ دائمةً لا تزولُ.