فَصْلٌ
في النبوّة
تقتضي حِكْمَةُ الصانعِ ـ تعالى ـ إعلامَ العَبْدِ أنَّ كماله فيما هُوَ ؟
وكم هُوَ ؟
وكيف هُوَ ؟
وأين هُوَ ؟
ومتى هُوَ ؟
وهذه الأشياء ممّا لا تهتدي إليه عُقولُ البَشَر ؛ لأنّها تفاصيلُ مُقْتَضَى العَقْلِ ؛ لأنّهُ يَقْتضي أنّ طَلَبَ الكَمالِ حَسَنٌ ، والهرَبَ من الهلاكِ واجِبُ ، وَهُوَ دَفْعُ المضرّةِ : ولكنّه لا يهْتَدي إلى طَريقِ كُلّ واحدٍ منهما ـ من الكمال والهلاك ...
فيختارُ الحكيمُ مَنْ (١) يستعدُّ لِقَبُول تفاصِيل الكَمال ، ولكنْ بواسطة الملائِكة ـ الّذينَ هُمْ خواصُّ حَضرنِهِ ـ فيُفضي إليه ما هُوَ سَبَبُ كمالِهِمْ ؛ فيُسمّى « نبيّاً ».
وقبولُهُ من الملائكة يُسمّى « وَحْياً ».
وتَبْليغُهُ إلى الخلْقِ يُسمّى « نبوّة ».
__________________
(١) في المخطوط جاءت كلمة ( إنْ ) هنا ، ويمكن أن تكون شرطية ، فليلاحظ.