ولمّا عُلِمَ أنّه عالمٌ قادرٌ ؛ ثَبَتَ أنّه حَيٌّ ، موجود :
إذْ يَسْتحيلُ تصوُّرُ عالمٍ قادرٍ غَيْرَ حَيّ ، ولا موجودٍ.
على أنّا أثْبَتْنا ـ أوّلاًَ ـ وجُوبَ وجودِهِ ، وإذا كانَ المُمكِنُ المحتاجُ مَوْجُوداً ؛ فَواجِبُ الوجُودِ ـ الذي لا يحتاجُ إلى غَيْره ـ بالوجود أوْلى.
ويتفرّعُ من كونه حيّاً ، وعالماً أنّهُ لا بُدَّ أنْ يَعْلَمَ الأشياء كما هِيَ ، إذْ لا اختصاصَ لِكَوْنِهِ عالماً بمعلومٍ دونَ مَعلومٍ.
فيَعْلمُ ما يُفْضي إلى صَلاحِ الخَلْقِ ، وما يُؤدّي إلى فسادِهِم ؛ فيخْتارُ ما يُفْضي إلى صَلاحِهِم ، ويُعَبَّرُ عنهُ بِالحَسَنِ ؛ ولا يَخْتارُ ما يُؤدّي إلى فَسادِهِم ، وهو القَبِيْحُ.
ثمّ ذلكَ الاختيارُ ، لا يخلُو : إمّا أنْ يتعلّقَ بِفِعلِه ، أوْ بِفِعْل غيره :
فما يَتَعَلّقُ بِفِعْلهِ يكونُ عِلْمُهُ بحُسْنِهِ داعياً إلى فِعْلهِ ؛ فيُسمّى مُريْداً.
وما يَتَعَلّق بفعل غيره ، يُعْلِمُهُ أنّ صلاحَهُ في بعضٍ ، وفسادَهُ في بَعْضٍ ، فيكونُ إعلامُهُ ، أمراً ونهياً ، وخَبراً.
ويُسمّى كارِهاً ؛ إذا تَعَلَّقَ عِلمهُ بِقُبحِ شيءٍ ، ويصرِفُهُ علمُه عنه ، أو ينهى عنه غيره.