وتبدأ بوادر الغيرة عليه منذ أول يوم الولادة ، إذ ينشغل الوالدان بالوضع الطارىء الجديد وسلامة الوالدة والطفل ، فاذا لم ينتبه الوالدان إلىٰ هذه الظاهرة ، فان غيرة الطفل الأول ستتحول بالتدريج إلىٰ عداء وكراهية للطفل الجديد ، وينعكس هذا العداء علىٰ أوضاعه النفسية والعاطفية ، ويزداد كلّما انصبّ الاهتمام بالطفل الجديد وأُخرج الطفل الاول عن دائرة الاهتمام ، فيجب علىٰ الوالدين الالتفات إلىٰ ذلك والوقاية من هذه الظاهرة الجديدة ، وابقاء الطفل الاول علىٰ التمتع بنفس الاهتمام والرعاية واشعاره بالحب والحنان ، وتحبيبه للطفل الثاني ، واقناعه بانه سيصبح أخاً أو أختاً له يسلّيه ويتعاون معه ، وانه ليس منافساً له في الحب والاهتمام ، ويجب عليهما تصديق هذا الاقناع في الواقع بأن تقوم الأم باحتضانه وتقبيله ويقوم الأب بتلبية حاجاته أو شراء ألعاب جديدة له ، إلىٰ غير ذلك من وسائل الاهتمام والرعاية الواقعية ، والحل الامثل هو العدالة والمساواة بين الطفل الاول والثاني فانها وقاية وعلاج للغيرة والكراهية والعداء وتتأكد أهمية العدالة والمساواة كلمّا تقدم الطفلان في العمر ، إذ تنمو مشاعرهما وعواطفهما ونضوجهم العقلي واللغوي بالتدريج يجعلهما يفهمان معنىٰ العدالة ومعنى المساواة ، ويشخّصان مصاديقها في الواقع العملي ، وقد وردت الروايات المتظافرة لتؤكد علىٰ إشاعة العدالة بين الاطفال ، قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « اعدلوا بين أولادكم كما تحبّون أن يعدلوا بينكم في البر واللطف » (١).
والعدالة بين الاطفال مطلقة وشاملة لكلِّ الجوانب الحياتية التي تحيط
__________________
(١) مكارم الاخلاق : ٢٢٠.