فالجواب : أنهم إنما أجروا الألف في نحو كساء ورداء مجرى الفتحة ، في أن قلبوا لها ما بعدها من الياء والواو ، كما قلبوا للفتحة نحو : عصا ورحى ما دامت الياء والواو طرفين ضعيفين ، وإلا فقد كان ينبغي أن يصحّ الياء والواو بعد الألف ، لأنهما إذا وقعتا بعد الحرف الساكن صحتا ، وذلك نحو : ظبي ودلو ، ولكنهم لما رأوهما بعد ألف زائدة كزيادة الفتحة ، وكانت الفتحة بعض الألف ، جوّزوا إعلالهما وقلبهما ما دامتا طرفين ضعيفين. فإذا تحصنتا وقويتا بوقوع الهاء بعدهما ، لم تبلغ الألف من إيجاب قلبهما مبلغ الفتحة الصريحة.
فأما قناة وفتاة فإن واوهما وياءهما وقعتا بعد الفتحة المحضة الموجبة للقلب ، فلم تبلغ من قوّة الهاء معهما أن تحصّن الواو والياء من إعلال الفتحة المحضة لهما.
وهذا ما خرج لي بعد التفتيش والمباحثة عن أبي عليّ وقت قرأت كتاب أبي عثمان عليه فاعرفه ، فإنه موضع يلطف جدّا ، وقلّ من يضبطه.
وقد أبدلت الواو همزة بدلا مطّردا إذا انضمت ضمّا لازما ، وذلك نحو أقتت وأجوه وأدؤر وأثؤب.
وقد أبدلها قوم من المكسورة ، وذلك نحو وسادة وإسادة ، ووفادة (١) وإفادة.
وإذا التقت واوان في أول الكلمة لم يكن من همز الأولى بدّ ، وذلك أن الأولى أصلها وؤلى. وسنستقصي هذا كلّه في حرف الواو. وقال :
ما كنت أخشى أن يبينوا أشك ذا (٢)
أي وشك ذا ، من الوشيك.
__________________
(١) الوفادة : القدوم. مادة (وفد). اللسان (٦ / ٤٨٨١).
(٢) هذا الشطر أنشده ص احب اللسان في مادة «وشك» ولم ينسبه أيضا إلى أحد. ولم نعثر على قائله فيما بأيدينا من كتب اللغة. انظر / لسان العرب (٦ / ٤٨٤٤). يبينوا : يفارقوا. مادة (بين). اللسان (١ / ٤٠٣). الشرح : أن الشاعر ينفي خوفه من فراق من فارقوه. والشاهد في قوله : «أشك» أي وشك من الوشيك. فقد أبدل الهمزة عن الواو وهي أصل.