وأما همزة الوصل فموضع زيادتها الفعل ، وقد زيدت في أسماء معلومة ، وحرف واحد.
فأما الفعل فيقع منه في موضعين ، أحدهما الماضي إذا تجاوزت عدته أربعة أحرف وأولها الهمزة ، فهي همزة وصل ، وذلك نحو اقتدر ، وانطلق ، واستخرج ، واحمرّ واصفارّ.
والموضع الآخر : مثال الأمر من كلّ فعل انفتح فيه حرف المضارعة (١) ، وسكن ما بعده ، وذلك نحو : يضرب ويقتل وينطلق ويقتدر. فإذا أمرت قلت : اضرب ، انطلق ، اقتدر.
فإن قلت : فقد نراهم يقولون : يأخذ ويأكل ويأمر ، فيفتح حرف المضارعة ، ويسكّن ما بعده. وإذا أمروا قالوا : خذ وكل ومر ، بلا همزة وصل.
فالقول في هذا : أن أصله «أوخذ» و «أوكل» و «أومر» ، فلما اجتمعت همزتان ، وكثر استعمال الكلمة ، حذفت الهمزة الأصلية ، فزال الساكن ، فاستغني عن الهمزة الزائدة ، وقد أخرجن عن الأصل : «أوخذ» ، و «أوكل» ، و «أومر».
واعلم أنّ هذه الهمزة إنما جيء بها توصلا إلى النطق بالساكن بعدها ، لمّا لم يمكن الابتداء به. وكان حكمها أن تكون ساكنة ، لأنها حرف جاء لمعنى ، ولا حظّ له في الإعراب ، وهي في أول الحرف كالهاء التي لبيان الحركة نحو الألف في آخر الحرف ، في وازيداه ووا عمراه ووا أمير المؤمنيناه ، فكما أن تلك ساكنة فكذلك كان ينبغي في الألف (٢) أن تكون ساكنة.
وكذلك أيضا نون التثنية ، ونون الجمع ، والتنوين ، هؤلاء كلّهن سواكن ، فلما اجتمع ساكنان ، هي والحرف الساكن بعدها كسرت لالتقائهما ، فقلت : اضرب ، اذهب ، ولم يجز أن يتحرّك ما بعدها لأجلها ، من قبل أنك لو فعلت ذلك لبقيت هي أيضا في أول الكلمة ساكنة ، فكان يحتاج لسكونها إلى حرف قبلها محرّك ، يقع الابتداء به ، فلذلك حرّكت هي دون ما بعدها.
__________________
(١) حروف المضارعة أربعة تجمعها كلمة «أنيت».
(٢) المراد بالألف هنا هو همزة الوصل.