وقد زيدت أيضا في خبر لكنّ ، لشبهه بالفاعل.
قال (١) :
ولكنّ أجرا لو فعلت بهيّن |
|
وهل ينكر المعروف في الناس والأجر؟ (٢) |
أراد : ولكن أجرا لو فعلته هيّن ، وقد يجوز فيه أن يكون معناه : ولكن أجرا لو فعلته بشيء هيّن ، أي أنت تصلين إلى الأجر بشيء هين ، كقولك : وجوب الشكر بالبرّ (٣) الهيّن ، فتكون الباء على هذا غير زائدة.
وأجاز أبو بكر محمد بن السريّ ، أن يكون قولهم : كفى بالله ، تقديره : كفى اكتفاؤك بالله ، أي اكتفاؤك بالله يكفيك ، وهذا يضعف عندي ، لأن الباء على هذا متعلقة بمصدر محذوف ، وهو الاكتفاء ، ومحال حذف الموصول وتبقية صلته ، وإنما حسّنه عندي قليلا أنك قد ذكرت كفى ، فدل على الاكتفاء ، لأنه من لفظه ، كما تقول : من كذب كان شرّا له ، أي كان الكذب شرّا له ، فأضمرته ، لدلالة الفعل عليه ، فها هنا أضمر اسما كاملا ، وهو الكذب ، وثمّ أضمر اسما وبقى صلته ، التي هي بعضه ، فكان بعض الاسم مضمرا ، وبعضه مظهرا ، فلذلك ضعف عندي ، والقول في هذا قول سيبويه إنه يريد كفى الله ، كقوله تعالى : (وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ)(٤).
ويشهد بصحة هذا المذهب ما حكي عنهم من قولهم : مررت بأبيات جاد بهنّ أبياتا ، وجدن أبياتا ، فبهن : في موضع رفع ، والباء : زائدة كما ترى ، أخبرني بذلك محمد بن الحسن (٥) قراءة عليه ، عن أحمد بن يحيى ، أن الكسائي حكى ذلك عنهم.
__________________
(١) قال البغدادي في الخزانة في شرح البيت : ولم أقف على قائله ، وكذلك قال العيني.
(٢) هين : بسيط. المعروف : الخير. وقد شرحه المؤلف في المتن ، وكذلك أورد الشاهد وعلق عليه.
(٣) البر : الإحسان والفضل. (٤) (وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ) : أي أن الله جل ذكره قد دافع عن المؤمنين وكفاهم شرور القتال في غزوة الخندق. والشاهد في قوله «وكفى الله» فقد جاء الفاعل «لفظ الجلالة» دون حرف الجر الزائد.
(٥) هو أبو بكر محمد بن الحسن بن مقسم بن يعقوب أحد القراء بمدينة الكوفة.