ووجدت مثله للأخطل (١) ، وهو قوله :
فقلت اقتلوها عنكم بمزاجها |
|
وحبّ بها مقتولة حين تقتل (٢) |
فبها : في موضع رفع بحب.
وقد حذفت الباء في رب ، وأصلها ربّ.
وإنما جاز عندي زيادة الباء في خبر المبتدأ ، لمضارعته للفاعل ، فاحتياج المبتدأ إليه كاحتياج الفعل إلى فاعله.
واعلم أنّ الباء قد تبدل منها في القسم الواو في قولك والله ، أصله بالله.
والدلالة على أن الباء هي الأصل أمران :
أحدهما : أنها موصّلة للقسم إلى المقسم به في قولك : أحلف بالله ، كما توصّل الباء المرور إلى الممرور به في قولك : مررت بزيد ، فالباء من حروف الجرّ بمنزلة من وعن.
والآخر : أن الباء تدخل على المضمر (٣) كما تدخل على المظهر (٤) ، تقول : بالله لأقومنّ ، وبه لأقعدنّ ، والواو لا تدخل على المضمر البتة ، تقول : والله لأضربنك ، فإن أضمرت قلت : به لأضربنك ، ولا تقول : وه لأضربنّك ، فرجوعك مع الإضمار إلى الباء يدلّ على أنها هي الأصل.
وأنشدنا أبو عليّ ، قال : أنشد أبو زيد :
رأى برقا فأوضع فوق بكر |
|
فلا بك ما أسال ولا أغاما |
__________________
(١) الأخطل : هو أبو مالك غياث الأخطل بن غوث التغلبي النصراني ، شاعر أموي مجيد ، امتاز بالمدح ووصف الخمر. قال الشعر وهو صبي ، ومات في خلافة الوليد سنة ١٢٥ ه ، وقد نيف على السبعين.
(٢) يأمر الشاعر من يخاطبهم بقتل من يحبها فما أحبها إليه وهي مقتولة ، والمقتولة هنا هي الخمر التي صب عليها بعض الماء ، ليكسر حدتها. والشاهد في قوله «بها» فقد وقعت موقع رفع حيث هي في الإعراب نائب فاعل.
(٣) المضمر : الضمير.
(٤) المظهر : الاسم الظاهر.