وقد أبدلوا الدال من تاء تولج (١) ، فقالوا : دولج ، وقد قلبوا تاء افتعل أيضا مع الذال لغير إدغام دالا ، حكى أبو عمرو عنهم : اذدكر ، وهو مذدكر.
وقال أبو حكاك :
تنحي على الشوك جرازا مقضبا |
|
والهرم تذريه اذدراء عجبا (٢) |
فأما ادّكر واذّكر فابدال إدغام ، وليس ذلك من غرض هذا الكتاب ، وكذلك قولهم في وتد : ودّ ، هو أيضا إبدال إدغام ، من جنس ادّكر.
وأنشدنا أبو عليّ لابن مقبل :
يا ليت لي سلوة يشفى الفؤاد بها |
|
من بعض ما يعتري قلبي من الدّكر (٣) |
بالدال : يريد الذّكر ، جمع ذكرة ، وليس هنا ما يوجب البدل ، إلا أنه لما رآهم يقلبونها في ادّكر ويدّكر ومدّكر وادّكار ونحو ذلك ، ألف فيها القلب ، فقال أيضا الدّكر ، ولهذا نظائر في كلامهم.
__________________
(١) التولج : كناس الوحش (وأصله وولج) مادة «ولج».
(٢) البيت رواه صاحب اللسان في «ذكر» مع إبدال كلمتي الهم مكان الهرم وازدكار في مكان اذدراء. انظر / اللسان (١٥٠٧٣) والضمير في تنحى : يعود على الناقة. وتنحي : تعرض وتميل ، يقال : نحى على حلقه السكين ، عرضها عليه. الجراز من السيوف : الماضي النافذ. والمقضب : القطاع. اللسان (٥ / ٣٦٥٩) ، ويريد بالجراز والمقضب أسنانها على الاستعارة. الهرم : ضرب من نبات الحمض ، وهو أذله وأشده انبساطا على الأرض واستبطاحا. تذريه : تطيره. اذدراء : مصدر اذدرى الشيء بمعنى اذراه. وغرض الشاعر في هذا البيت : فهو يصف الناقة بأنها كما تقطع الشوك بأسنانها وأنيابها الحادة ، تقطع الهرم ، فتطاير بقاياه في فمها فكأنها تذريه اذراء شديدا. ومحل الشاهد : كملة «اذدراء» إذ قلبت فيها تاء الافتعال دالا مع الذال ، من غير إدغام. إعراب الشاهد : اذدراء : مفعول مطلق منصوب.
(٣) السلوة : النسيان. يعتري : يصيب. يتمنى الشاعر أن ينسى قليلا فؤاده حتى يشفى مما به من آلام ذكر المحبوب. الشاهد في قوله «الدكر» فقد أبدلت الذال دالا. إعراب الشاهد : الدكر : اسم مجرور وعلامة الجر الكسرة.