ومن أبيات الكتاب لرؤبة :
فيها ازدهاف أيّما ازدهاف (١)
ونحو من هذا التقريب في الصوت قولهم في سبقت : صبقت ، وفي سقت : صقت ، وفي سملق : صملق ، وفي سويق (٢) : صويق ، وذلك أن القاف حرف مستعل ، والسين غير مستعل ، إلا أنها أخت الصاد المستعلية ، فقربوا السين من القاف ، بأن قلبوها إلى أقرب الحروف إلى القاف من مخرج السين ، وهو الصاد.
وقد قلبت تاء افتعل دالا مع الجيم في بعض اللغات ، قالوا : اجدمعوا في اجتمعوا ، واجدزّ في اجتّزّ. وأنشدوا (٣) :
فقلت لصاحبي : لا تحبسانا |
|
بنزع أصوله واجدزّ شيحا (٤) |
ولا يقاس ذلك إلا أن يسمع ، لا تقول في اجترأ : اجدرأ ، ولا في اجترح : اجدرح.
__________________
(١) البيت من مشطور الرجز لرؤبة ، وقد سبق التعريف به. وقد أنشد رؤبة هذه الأبيات يعاتب فيها أباه. وملخص قول الأعلم الشنتمري في شرح هذا البيت : أنه نصب أيما وإن كان من نعت المصدر قبله ، وكان حقه أن يجري عليه ، ولكنه حمل على المعنى. وصف أباه بالخلف وقول الباطل ، فجعل أقواله تزدهف العقول ، أي تستخفها. انظر / الكتاب (١ / ١٨٢). إعراب الشاهد : ازدهاف : مبتدأ مرفوع وعلامة الرفع الضمة ، والخبر فيها مقدم عليه.
(٢) السويق : خبز الشعير والقمح. وسبق تخريجها.
(٣) هذا البيت ليزيد بن الطثرية ، هو يزيد بن الصمة أحد بني سلمة الخير بن قشير ، وذكر البصريون أنه من ولد الأعور بن قشير.
(٤) هذا البيت من الوافر ، أورده اللسان في (جز) وقال : ذكر الجوهري أن البيت ليزيد بن الطثرية ، وذكره ابن سيده ولم ينسبه لأحد بل قال : وأنشد ثعلب قال ابن برّي : ليس هو ليزيد وإنما هو لمضرس بن ربعي الأسدي. انظر / لسان العرب (١ / ٦١٥). وقوله «لا تحبسانا» هو خطاب لصاحب يحتطب له ، وخاطبه بلفظ خطاب المثنى على عادة العرب كما قال سويد بن كراع :
فإن تزجراني يابن عفان أنزجر |
|
وإن تدعاني أحم عرضا حمنعا |
وأجدز : جز أي قطع ، والشاهد في قوله «اجدز» فقد قلبت تاء افتعل دالا مع الجيم.