قال أبو علي : هذا البيت يقع فيه تصحيف من الناس. يقول قوم مكان تخصي حمارها ، تخطي حمارها ، وهو مشتبه مشكل : يظنونه من قولهم : العوان (١) لا تعلّم الخمرة.
قال : وقد قال ابن الأعرابي : يقال : جاءك خاصي العير : إذا وصف بقلة الحياء. فعلى هذا لا يجوز في البيت غير «تخصي حمارها» ، ويدل على أنّ «جلبّانة» و «جربانة» أصلان ، غير مبدل أحدهما من صاحبه وجودك لكل واحد منهما أصلا متصرّفا ، واشتقاقا صحيحا ، فأما جلبّانة فمن الجلبة والصياح ، لأنها الصّخّابة ، وأما جربّانة فمن جرّب الأمور وتصرّف فيها.
ألا تراه قال : «تخصي حمارها» ، وإذا بلغت المرأة من البذلة (٢) والحنكة (٣) إلى خصاء حمارها ، فناهيك بها في التجريب والدّربة ، وهذا وفق الصّخب ، لأنه ضد الحياء والخفر (٤).
وأمّا قولهم في الدّرع : نثرة ونثلة (٥) ، فينبغي أن يكون الراء بدلا من اللام ، لقولهم : نثل عليه درعه ، ولم يقولوا نثرها ، فاللام أعم تصرفا ، فهي الأصل.
وأما قول الأسديّ :
وخافت من جبال السّغد نفسي |
|
وخافت من جبال خوارزم (٦) |
__________________
(١) العوان : المتوسطة في العمر. مادة (عون). اللسان (٤ / ٣١٧٩).
(٢) البذلة : الابتذال. مادة (ب ذ ل) اللسان (١ / ٢٣٨).
(٣) الحنكة : الخبرة والدربة. مادة (حنك). اللسان (٢ / ١٠٢٨).
(٤) الخفر : الحياء. مادة (خفر). اللسان (٢ / ١٢٠٩).
(٥) نثلة : النثلة : النقرة بين الشاربين ، والدرع الواسعة. مادة (نثل). اللسان (٦ / ٤٣٤١).
(٦) هذا رابع ستة أبيات رواها ياقوت في معجم البلدان في «خوارزم» ، ونسبها للأسدي كما هنا خوارزم : اسما لناحية في جرجان الآن. الشاهد في قوله «خوارزم» فقد كرر الراء لاستقامة الوزن. الإعراب : خوارزم : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة الجر الكسرة.