وأما قولهم : أسطاع يسطيع ، فذهب سيبويه فيه إلى أن أصله : أطاع يطيع ، وأن السين فيه زيدت عوضا من (١) سكون عين الفعل ، وذلك أن أطاع أصله كأطوع ، فنقلت فتحة الواو إلى الطاء ، فصار التقدير : أطوع ، فانقلبت الواو ألفا ، لتحركها في الأصل وانفتاح ما قبلها الآن.
وتعقّب أبو العباس رحمه الله هذا القول فقال : إنما يعوّض من الشيء إذا فقد وذهب ، فأما إذا كان موجودا في اللفظ ، فلا وجه للتعويض منه ، وفتحة العين التي كانت في الواو قد نقلت إلى الطاء التي هي الفاء ، ولم تعدم ، وإنما نقلت ، فلا وجه للعوض من شيء موجود غير مفقود.
وقد ذهب عن أبي العباس ما في قول سيبويه هذا من الصّحة ، فإما غالط وهي من عادته معه ، وإما وهم في رأيه هذا.
والذي يدل على صحة قول سيبويه في هذا ، وأن السين عوض من حركة عين الفعل ، أن الحركة التي هي الفتحة وإن كانت كما قال أبو العباس موجودة منقولة إلى الفاء لمّا فقدتها العين ، فسكنت بعد ما كانت متحركة ، توهّنت (٢) لسكونها ، ولما دخلها من التهيّؤ للحذف عند سكون اللام ، وذلك قولك لم يطع ، وأطع ، ولا تطع ففي كل هذا قد حذفت العين لالتقاء الساكنين ، ولو كانت العين بحالها متحركة لما حذفت ، لأنه لم يكن هناك التقاء ساكنين ، ألا ترى أنك لو قلت : أطوع يطوع ولم يطوع وأطوع زيدا ، لصحت العين ولم تحذف ، فلما نقلت عنها الحركة وسكنت سقطت ، لاجتماع الساكنين ، فكان هذا توهينا وضعفا لحق العين ، فجعلت السين عوضا عن سكون العين الموهّن لها ، المسبّب لقلبها وحذفها ، وحركة الفاء بعد سكونها لا تدفع عن العين ما لحقها من الضعف بالسكون والتّهيّؤ للحذف عند سكون اللام.
وقال الفرّاء في هذا : شبّهوا أسطعت بأفعلت.
فهذا يدل من كلامه على أن أصلها استطعت ، فلما حذفت التاء بقي على وزن أفعلت ، ففتحت همزته وقطعت.
__________________
(١) الأظهر أن تكون «من» تعليلية ، أي بسبب سكون عين الفعل لذهاب حركتها ، لأن السين في الحقيقة زيدت للتعويض عن حركة العين ، التي نقلت إلى الطاء. كما صرح المؤلف.