وأمّا ما قرأته على أبي عليّ من قول الشاعر (١) :
وحال دوني من الأبناء زمزمة |
|
كانوا الأنوف وكانوا الأكرمين أبا (٢) |
ويروى : صمصمة ، وهما الجماعة ، فليس أحد الحرفين بدلا من صاحبه ، لأن الأصمعي قد أثبتهما معا ، ولم يجعل لأحدهما مزية على صاحبه. وإذا ورد في بعض حروف الكلمة لفظان مستعملان ، فالوجه وصحيح القضاء أن نحكم بأنهما كليهما أصلان منفردان ، ليس واحد منهما أولى بالأصلية من صاحبه ، فلا تزال على هذا معتقدا له حتى تقوم الدلالة على إبدال أحد الحرفين من صاحبه.
وهذا عيار في جميع ما يرد عليك من هذا ، فاعرفه وقسه تصب إن شاء الله.
ألا تراهم قالوا : أنى له أن يفعل كذا ، وآن له أن يفعله ، قال تعالى : (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ)(٣) فهذا من أنى.
وقال الشاعر (٤) :
ألّما يئن لي أن تجلّى عمايتي |
|
وأقصر عن ليلى؟ بلى قد أنى ليا (٥) |
__________________
(١) البيت لسهم بن حنظلة الغنوي.
(٢) حال : منع. اللسان (٢ / ١٠٧٣). الزمزمة : الجماعة. اللسان (٣ / ١٨٦٦). انوا الأنوف : كناية عن الشرف والرفعة. يقول : لقد منعني عصبة من أبنائي كرماء ذوي رفعة. الشاهد في قوله «زمزمة» كما شرحه المؤلف بالمتن. إعراب الشاهد : زمزمة : فاعل مرفوع وعلامة الرفع الضمة.
(٣) يأن : يحين. اللسان (١ / ١٩٢). تخشع : تلين. اللسان (٢ / ١١٦٥). والشاهد في الآية كما أورده المؤلف. إعراب الشاهد : يأن : فعل مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف حرف العلة.
(٤) لم أعثر على اسمه فيما بيدي من الكتب الأدبية ، وقد أورد اللسان البيت في مادة «أين» ، ولم ينسبه. اللسان (١ / ١٩٢).
(٥) يئن : يحن تجلى : تذهب وتزول. أقصر : أعرض. الشرح : لقد حان لي أن أتناسى حب ليلى. الشاهد شرحه المؤلف في المتن. إعراب الشاهد : يئن : فعل مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف حرف العلة.