فأما عنعنة تميم ، فإن تميما تقول في موضع (أن) : (عن) ، وتقول : ظننت عنّ عبد الله قائم.
قال : وسمعت (١) ابن هرمة ينشد هارون :
أعن تغنّت على ساق مطوّقة |
|
ورقاء تدعو هديلا فوق أعواد (٢) |
وأما تلتلة بهراء ، فإنها تقول : تعلمون وتفعلون وتصنعون بكسر أوائل الحروف.
انقضت الحكاية.
ومعنى قوله «كشكشة ربيعة» ، فإنما يريد قولها مع كاف ضمير المؤنث إنّكش ورأيتكش ، وأعطيتكش. تفعل هذا في الوقف ، فإذا وصلت أسقطت الشين.
وأما «كسكسة هوازن» فقولهم أيضا : أعطيتكس ، ومنكس ، وعنكس.
وهذا أيضا في الوقف دون الوصل ، وقد مضى ذكر هاتين اللغتين في حرف السين والشين.
__________________
(١) عبارة المؤلف هنا تشعر بأن قائل هذا الخبر هو أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب (٢٠٠ ـ ٢٩١) ، فيكون من المشكل ، لأنه لم يعاصر ابن هرمة ولا هارون الرشيد ، ويدفع بأن ابن جني قال قريبا : «أحسبه أنا عن الأصمعي» وبهذا يكون راوي الخبر هو الأصمعي ، لا أحمد بن يحيى ... والأصمعي قد عاصر الرشيد وابن هرمة ، ويؤيد هذا ما جاء في الجزء الأول من إحدى نسخ الخصائص ، وهي النسخة المخطوطة برقم (١١٠) «نحو» بدار الكتب المصرية ، إذ جاء فيها ، في «باب اختلاف اللغات وكلها حجة» قال الأصمعي : سمعت ابن هرمة ينشد هارون : «أعن تغنت ... إلخ» ويكون ما ذكره ابن جني في الخصائص تحقيقا لما شك في سر الصناعة ، لأنه قد ألفه قبل الخصائص ، كما صرح بما يدل على ذلك مرارا في الخصائص.
(٢) المطوقة : حمامة ذات طوق ، وهو صنف من الحمام. مادة (ط وق) اللسان (٤ / ٢٧٢٤). الورقاء : صفة من الورقة ، وهي ما كان لونها لون الرماد. اللسان (٦ / ٤٨١٦). والهديل : ذكر الحمام مطلقا ، وقيل : فرخها ، وقيل : صوتها. مادة «هدل». شرح البيت : أأن أنشدت حمامة تدعو زوجها. أشجاك ذلك وذكرك بالحبيب. الشاهد في قوله : «أعن» فقد قلب همزة «أن» عينا. إعراب الشاهد : أعن : الهمزة للاستفهام ، وعن مصدرية. تغنت : فعل ماضي مبني. على ساق : جار ومجرور. مطوقة : فاعل مرفوع بالفاعلية وعلامة رفعه الضمة.