فلن أذكر النعمان إلا بصالح |
|
فإن له عندي يديّا وأنعما (١) |
فجاء بالجمع على فعيل ، وهذا اسم للجمع عندنا ، وليس مكسرا كأيد وأياد ، وإنما هو بمنزلة عبيد وكليب ، لجماعة عبد وكلب ، ولم نر الهمزة في أدى موجودة في غير هذه اللفظة ، وفي أحد وجهي آديته ، الذي جوزناه آنفا (٢).
على أنا نعتقد فيه أنه إنما بنى أفعلته من لفظ الأدى بعد أن قلبت همزته عن يدي ، وإلا فالياء هي الأصل ، وليس كذلك ما أشبهه به من نحو : يسروع وأسروع ، ويلملم وألملم ، وأسر ويسر ، لاطراد كل واحد من هذه الحروف في مكان صاحبه ، وقلة استعمالهم الأدي في معنى اليد ، فاعرف ذلك.
فهذان الوجهان اللذان احتملهما عندي قولهم آديت زيدا أي قويته ، وفيه وجه آخر غامض أيضا ، وهو أن يكون أراد أعديته ، فأبدل العين همزة ، فصارت أاديته ، ثم أبدل الهمزة ألفا ، لسكونها وانفتاح ما قبلها ، واجتماعها مع الهمزة التي قبلها ، فصارت آديته.
على أن في هذا الوجه عندي بعض الضعف وإن كان أبو علي قد أجازه ، لأنا لم نرهم في غير هذا أبدلوا الهمزة من العين ، وإنما رأيناهم لعمري أبدلوا العين من الهمزة ، فنحن نتبعهم في الإبدال ولا نقيسه إلا أن يضطرّ أمر إلى الدخول تحت القياس والقول به.
__________________
(١) نسب صاحب اللسان البيت إلى «الأعشى» ، وذكر في لفظ يدي روايتين : فتح الياء الأولى ، كما أثبتنا ، وهي رواية أبي عبيد ، وضمها. مادة (يدي) اللسان (٦ / ٤٩٥٢). وذكر عن ابن بري أن البيت لضمرة بن ضمرة النهشلي ، وبعده :
تركت بني ماء السماء وفعلهم |
|
وأشبهت تيسا بالحجاز مزنّما |
وفي شعر النابغة ثلاثة أبيات من وزن البيت وقافيته ، وليس البيت فيها. واليد : النعمة والإحسان. مادة (يدي) اللسان (٦ / ٤٩٥٢). موضع الشاهد : «فإن له عندي يديا وأنعما». إعراب الشاهد : إن : حرف توكيد ونصب. له : جار ومجرور خبر مقدم. عندي : مفعول فيه ، منصوب بالمفعولية ، والياء مضاف إليه. يديا : اسم إن مؤخر. أنعما : معطوف على يديا منصوب بالتبعية.
(٢) آنفا : سابقا.