وقد تقدم من قولنا في الحروف التي تبدل في بعض المواضع وهي غير مذكورة في حروف البدل الأحد عشر ، وإنما لم تحتسب هناك من حيث كان البدل فيها قليلا غير مطّرد ، ما فيه مقنع إن شاء الله.
وأنشدنا أبو علي :
يا بن الزّبير طالما عصيكا |
|
وطالما عنّيتنا إليكا |
لنضربن بسيفنا قفيكا (١) |
أبدل الكاف من التاء ، لأنها أختها في الهمس. وكان سحيم إذا أنشد شعرا جيدا قال : أحسنك والله ، يريد : أحسنت.
وأما قول كثيّر (٢) :
ومقربة دهم وكمت كأنها |
|
طماطم يوفون الوفار هنادك (٣) |
فقال محمد بن حبيب : أراد بالهنادك : رجال الهند ، وظاهر هذا القول منه يقتضي أن تكون الكاف زائدة. قال : ويقال : رجل هنديّ وهندكيّ. ولو قيل إن الكاف أصل ، وإنّ هنديّ وهندكيّ أصلان ، بمنزلة سبط وسبطر ، لكان قولا قويّا ، وهو الصّواب.
__________________
(١) الأبيات ذكرها صاحب اللسان منسوبة إلى امرئ القيس.
(٢) كثير : هو كثير بن عبد الرحمن بن أبي جمعة الخزاعي ، من قبيلة خزاعة وهي حي من الأزد ، وكنيته أبو صخر ، وقد هام بعزة حبا حتى نسب إليها ونسب إليه فيقال : كثير عزة ، ويقال : عزة كثير.
(٣) البيت في ديوان كثير (٢ / ١٣٨) ، والبيت نسبه صاحب اللسان إلى كثير عزة. الشاهد فيه قوله هنادك : حيث أن الكاف زائدة ويبدو أنه يقصد بالهنادك رجال الهند. إعراب الشاهد : ك : حرف متصل مبني زائد في محل جر بالإضافة. مقربة : كناية عن الخيل ، والخيل المقربة هي الخيل المكرمة. دهم : (م) أدهم. ودهم دهمة أي اسود فهي دهماء وهو أدهم. مادة (د ه م) كمت : (م) الكميت ، وهو الخيل الذي لونه بين الأسود والأحمر ، والكمت : أي الحمر. الوفار : (م) الوفرة ، وهي الكثرة ، أو الشعر المجتمع على الرأس ، أو ما جاوز شحمة الأذن.