وكقول الآخر :
كأنّك من جمال بني أقيش |
|
يقعقع خلف رجليه بشنّ (١) |
أي جمل من جمال بني أقيش ، وغير ذلك مما يطول ذكره.
فالجواب أنّ حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه على كل حال قبيح ، وهو في بعض الأماكن أقبح منه في بعض ، فأما قوله عز وجل : (وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها) فالوجه فيها أن تكون منصوبة على الحال ، معطوفة على قوله «متّكئين فيها» فهذا هو القول الذي لا ضرورة فيه.
وأما قوله : «كأنك من جمال بني أقيش» فإنما جاز ذلك في ضرورة الشعر ، ولو جاز لنا أن نجد (من) في بعض المواضع قد جعلت اسما ، لجعلناها هاهنا اسما ، ولم نحمل الكلام هنا على حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه.
__________________
(١) البيت نسبه صاحب اللسان إلى النابغة (٣ / ١٦٥٥). والنابغة الذبياني هو زياد بن معاوية ويعد من فحول الشعراء في الجاهلية ونبغ في قول الشعر في مرحلة متقدمة من عمره ، ويكنى بأبي أمامة. والبيت من قصيدة قالها يدافع بها عن بني أسد ، ومطلعها :
غشيت منازلا بعريتنات |
|
بأعلى الجزع في الحيّ المبن |
وقوله : كأنك : أسلوب تشبيه يقوم على إضافة أداة التشبيه إلى المشبه ، وهو تشبيه استعاري غرضه التصوير والتوضيح. بني أقيش : قوم من العرب. يقعقع : يحدث صوتا عند التحريك. ويقال : لا يقعقع له بالشنان أي لا يخدع ولا يروع. بشن : الشن : القربة الخلق الصغيرة يكون الماء فيها أبرد من غيره (ج) شنان. يقول النابغة : كأنك أحد جمال بني أقيش التي يضرب بها المثل في النفور والوحشية ، وكانوا يعلقون خلفها قربة صغيرة فإذا تحركت الناقة اصطدمت تلك القربة بقدميها فتسرع في المشي. الشاهد فيه قوله (من جمال بني أقيش) حيث إنها صفة سدت مسد الموصوف المحذوف المقدر وتقديره كأنك جمل من جمال بني أقيش. إعراب الشاهد :كأنك : كأن : أداة تشبيه ونصب تدخل على الجملة الاسمية فتنصب المبتدأ وترفع الخبر. الكاف : ضمير متصل مبني في محل نصب اسم كأن ، وخبرها محذوف تقديره جمل. من جمال : جار ومجرور في محل رفع نعت.