فأما الاسم فكاف المذكّر والمؤنّث المخاطبين. فكاف المذكر مفتوحة ، وكاف المؤنث مكسورة ، نحو : ضربتك يا رجل ، وضربتك يا امرأة ، فهذه اسم بدلالة دخول حرف الجر عليها ، نحو مررت بك وبك ، وعجبت منك ومنك.
وأما الكاف التي هي حرف ، فالتي تأتي للخطاب ، مجرّدة من الاسمية ، وذلك نحو كاف ذلك ، وذاك ، وتيك ، وتلك ، وأولئك.
ومن العرب من يقول : ليسك زيدا ، أي ليس زيدا ، والكاف لتوكيد الخطاب.
ومن ذلك : كاف ذانك وتانك ، وأبصرك زيدا أي : أبصر زيدا. وكاف النجاءك ، إذا أردت : انج ، وكاف قوله عز اسمه : (قالَ أَرَأَيْتَكَ هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَ)(١) [الإسراء : ٦٢] فهذه الكاف في هذه المواضع كلها حرف يفيد الخطاب ، وليست باسم ، والدلالة على ذلك : أن الكاف لو كانت في ذلك ونحوه من أسماء الإشارة ، نحو : تلك وأولئك اسما ، لم تخل من أن تكون مرفوعة أو منصوبة أو مجرورة ، فلا يجوز أن تكون مرفوعة ، لأن الكاف ليست من ضمير المرفوع ، ولا يجوز أيضا أن تكون منصوبة ، لأنك إذا قلت : ذلك زيد ، فلا ناصب هنا للكاف ، ولا يجوز أيضا أن تكون مجرورة ، لأن الجر إنما هو في كلامهم من أحد وجهين : إما بحرف جر ، وإما بإضافة اسم ، ولا حرف جرّ هنا ، ولا يجوز أيضا أن يضاف اسم الإشارة ، من قبل أن الغرض في الإضافة إنما هو التعريف ، وأسماء الإشارة معارف كلّها ، فقد استغنت بتعريفها عن إضافتها ، وإذا كان من شروط الإضافة أنه لا يضاف الاسم إلا وهو نكرة ، فما لا يجوز أن ينكّر البتة لا يجوز أيضا أن يضاف البتة ، وأسماء الإشارة مما لا يجوز تنكيره ، فلا يجوز أيضا إضافته. ولأجل ما ذكرناه أيضا لم تجز إضافة الأسماء المضمرة ، لأنها لا تكون إلا معارف.
فإن قلت : فإذا كانت أسماء الإشارة لا تنكّر البتة ، فما تصنع بما حكاه أبو زيد من قولهم : هؤلاء قوم ، ورأيت هؤلاء. قال : فنوّنوا وكسروا. قال : وهي لغة بني عقيل ، والتنوين عندك في هذه المبنيات إنما يجيء علما للتنكير ، نحو سيبويه وعمرويه وغاق غاق ، وصه ، وأيهات ، وإيه ، وحيّهلا ، وما أشبه ذلك ، فكيف يكون هؤلاء نكرة ، وهو اسم إشارة؟ وقد تقدم من قولك ما يمنع تنكير اسم الإشارة.
__________________
(١) أرأيتك : أي أخبرني. والشاهد فيها زيادة كاف الخطاب للتوكيد.