ومثله قوله عزّ اسمه : (إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها) [طه : ١٥](١) تأويله والله أعلم ، عند أهل النظر : أكاد أظهرها. وتلخيص حال هذه اللفظة : أي أكاد أزيل عنها خفاءها ، وخفاء كل شيء : غطاؤه ، من ذلك خفاء القربة (٢) ، للكساء الذي يكون عليها. وجمعه : أخفية.
أنشدنا أبو عليّ :
لقد علم الأيقاظ أخفية الكرى |
|
تزجّجها من حالك واكتحالها (٣) |
فقوله : «أخفية الكرى» : جمع خفاء ، والكرى : النوم. وجعل الأعين في اشتمالها على النوم بمنزلة الخفاء في اشتماله على ما ستر به ، ونصب أخفية الكرى :
__________________
(١) (إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها) الساعة : القيامة. أكاد أخفيها : أقارب أن أسترها عن الناس ـ يظهر لهم قربها بعلاماتها.(تفسير وبيان مع أسباب النزول للسيوطي ص ٣١٣) ، والأسلوب إنشائي في صورة توكيد. والشاهد في قوله تعالى (أخفيها) حيث استخدمها بمعنى أظهرها وأزيل ما يسترها بإظهار علامتها إعراب الشاهد : أخفيها : أخفى : فعل مضارع مرفوع لتجرده من الناصب والجازم وعلامة رفعه الضمة المقدرة على آخره لأن آخره حرفا من حروف العلة ، والفاعل ضمير مستتر وجوبا يعود تقديره إلى لفظ الجلالة ـ الله ـ ، والهاء ضمير متصل مبني على السكون المطلق في محل نصب مفعول به.
(٢) ذلك خفاء القربة : ـ يضرب مثالا بخفاء القربة ـ أي الكساء الذي يسترها ويغطيها ـ باعتبار أنه يخفي معالمها بحيث لا تظهر. وخفى (خفاء) من باب رمى ، كتمه وأظهره أيضا فهو من الأضداد ، ويقال برح الخفاء أي وضح الأمر. مادة (خ. ف. ا). اللسان (٢ / ١٢١٦).
(٣) أخفية : جمع خفاء ، والخفاء : رداء تلبسه العروس على ثوبها ، فتخفيه به ، وكل ما ستر شيئا فهو له خفاء. مادة (خ. ف. ا). اللسان (٢ / ١٢١٧). وأخفية الكرى : الأعين ، كما أن أخفية النور أكمته. تزججها : الزج : بالضم الحديدة التي في أسفل الرمح ، والجمع زججة وزجاج ، أما الزج بالفتح : دقة الحاجبين وطولهما. مادة (ز. ج. ج). اللسان (٣ / ١٨١١ ـ ١٨١٢). والشاهد فيه : أخفية الكرى : جمع خفاء. إعراب الشاهد : أخفية : تمييز منصوب. الكرى : مضاف إليه مجرور بالإضافة ، وعلامة جره الكسر المقدر على آخره ، لأنه اسم مقصور