وأخبرني (١) أيضا قال : سألني سائل قديما ، فقال : هل يجوز الخرم (٢) في أول أجزاء متفاعلن من الكامل (٣)؟
قال : ولم أكن حينئذ أعرف مذهب العروضيين (٤) فيه ، فعدلت به إلى طريق الإعراب ، فقلت : لا يجوز.
فقال : لم لا يجوز؟
فقلت : لأن التاء التي بعد الميم قد يدركها السكون في بعض الأحوال ، فيكره الابتداء بحرف قد يكون في بعض أحواله ساكنا في ذلك المثال بعينه ، كما كرهت العرب الابتداء بالهمزة المخففة ، لأنها قد قربت من الساكن ، أفلا ترى إلى تناسب هذا العلم (٥) ، واشتراك أجزائه ، حتى إنه ليجاب عن بعضه بجواب غيره.
__________________
ـ الدل : هو حسن الحديث. اللسان (٢ / ١٤١٣). مادة (د. ل. ل). ملثوغ : اللثغة : تحول اللسان من حرف إلى حرف ، كقلب السين ثاء ، أو الراء غينا. اللسان (٥ / ٣٩٩٥). مادة (ل. ث. غ). بين بين : أي التوسط. لسان العرب (١ / ٤٠٦). مادة (ب. ي. ن). تكاديه : (م) تكدية ، وهو فرق الشعر وأصل مصدره : كده تكديها إذا فرق شعره. اللسان (٥ / ٣٨٣٨). مادة (ك. د. ه). الشرح : يخاطب الشاعر صديقه طالبا منه أن يتناول عقاره من يد تلك الحسناء المليحة التي تتدلل في حديثها ثم يصف تلك الجارية فهي ملثوغة اللسان لها وجه الإناث ولكنها تتشبه بالغلمان في تفريق الشعر من منتصفه. خذ : أسلوب إنشائي في صورة أمر ، الغرض منه التوسل والرجاء. والشاهد في قوله : بين بين : فقد استخدم الشاعر تعبير سيبويه بلفظه ومعناه كما في المتن.
(١) الضمير راجع إلى أبي عليّ المذكور قريبا.
(٢) الخرم : قال ابن سيده : الخرم في العروض ذهاب الفاء من فعولن فيبقى (عولن) ، فينقل في التقطيع إلى فعلن ، قال : ولا يكون الخرم إلا في أول الجزء في البيت. اللسان (٢ / ١١٤٥).
(٣) الكامل : بحر من بحور الشعر وزنه : متفاعلن ست مرات.
(٤) العروضيين : نسبة إلى العروض وهو علم اخترعه الخليل بن أحمد ، وهو علم يدرس موازين الشعر.
(٥) لعل الإشارة بهذا إلى علم العربية وفقهها ، بدون نظر خاص إلى فروعها من لغة ونحو وصرف وعروض وغيره.