وحكى أبو العباس عن أبي عثمان ، عن أبي زيد ، قال : سمعت عمرو بن عبيد (١) يقرأ : «فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جأن» (٢) ، فظننته قد لحن (٣) حتى سمعت العرب تقول : شأبّة ودأبّة. قال أبو العباس : فقلت لأبي عثمان : أتقيس ذلك؟ قال : لا ، ولا أقبله.
وقال آخر (٤) :
وبعد انتهاض الشيب من كل جانب |
|
على لمّتي حتى اشعألّ بهيمها (٥) |
يريد اشعالّ من قوله تعالى : (وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً) ، فهذا لا همز فيه.
وقال دكين (٦) :
راكدة مخلاته ومحلبه |
|
وجلّه حتى ابيأضّ ملببه (٧) |
يريد ابياضّ ، فهمز.
__________________
(١) عمرو بن عبيد : هو أبو عثمان البصري وردت عنه الرواية في حروف القرآن ، وقد روى الحروف عن الحسن البصري ، وسمع منه ، ثم روى عنه الحروف بشار بن أيوب الناقد ، مات في ذي الحجة سنة أربع وأربعين ومائة. انظر / غاية النهاية في طبقات القراء لابن الجزري (ص ٦٠٢).
(٢) أي يوم القيامة لا يسأل عن ذنب المجرم أحد غيره ، والآية شاهد على تحريك الألف فانقلبت همزة في قوله جل شأنه «جأن».
(٣) لحن : أخطأ. مادة «لحن». اللسان (٥ / ٤٠١٣).
(٤) البيت ذكره اللسان في مادة «شعل» ولم ينسبه ، ولم أعثر على قائله فيما بيدي من المراجع. انظر / لسان العرب (٤ / ٢٢٨١) مادة (شعل).
(٥) اللمة : شعر الرأس المجاوز شحمة الأذن ، (ج) «لمم» مادة «ل م م». اللسان (٥ / ٤٠٧٨) يقول الشاعر : لقد امتلأ شعري بالشيب وكثر فيه الشعر الأبيض. والشاهد في قوله : «اشعأل» فحرك الألف لالتقاء ساكنين فانقلبت همزة ، لأن الألف حرف ضعيف واسع المخرج ، لا يحتمل الحركة. إعراب الشاهد : اشعأل : فعل ماضي مبني على الفتح.
(٦) هو دكين بن رجاء من بني فقيم ، عاش في الدولة المروانية ، ومدح عمر بن عبد العزيز فأعطاه ألف درهم من ماله ، ولم يكن عمر يعطي الشعراء شيئا.
(٧) راكدة : ساكنة ثابتة. مادة «ركد». اللسان (٣ / ١٧١٦).