والصّلاة والسّلام على سيّدنا محمد وعلى آله ،
______________________________________________________
في الذهن ، وينضم إليها هنا رعاية السجع المعين على تلقي الأذهان للمعاني ، ولا يغرنك ما وقع لبعض أهل البيان في باب الإطناب من أن ذلك تطويل لا لفائدة ، فإنه غير مسلم والظرف الثاني لغو متعلق بالحمد ، وكون على على حقيقتها ، أو هي بمعنى اللام فيه كلام ستراه بالعين إن شاء الله تعالى.
والإفضال الإحسان ، يقال : أفضل عليه وتفضل بمعنى.
(والصلاة والسّلام على سيدنا محمد وآله) كلّ من الصلاة والسّلام مخفوض ، لكن الصلاة معطوفة على الحمد قولا واحدا ، والسّلام إما معطوف عليه أيضا ، أو على الصلاة على القولين المشهورين ذكرهما أبو حيان وغيره ، أي : أما بعد حمد الله وبعد الصلاة والسّلام ، وهما عاملان تنازعا الظرف الواقع بعدهما ، ويحتمل أن يكون مستقرا في محل نصب على الحال منهما ، أي بعد الصلاة والسّلام في حال كونهما على سيدنا محمد ، فإن قلت : أنى يصح هذا وهما مضافان إليهما ، والحال من المضاف إليه إنما يقع في الصور الثلاث المشهورة ، وليس هذا منها؟
قلت : لمّا كانا بمعنى ما ليس بمضاف إليه جاءت الحال منهما ؛ إذ المعنى مهما يكن من شيء تأخر عن الحمد والصلاة والسّلام.
وجمع المصنف بينهما ؛ لأنهما مخصوصان بذلك حيث أمر الله تعالى بهما جميعا في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) [الأحزاب : ٥٦] والصلاة : اسم يوضع موضع المصدر تقول : صليت صلاة ، ولا تقول تصلية كذا في «الصحاح» ، وفيه أيضا السّلام اسم من التسليم.
وهي في اللغة الدعاء بخير ، وتعدية فعلها بعلى لتضمنه معنى العطف ، تقول : عطفت على فلان ، وهو من الله تعالى الإحسان ، ومن غيره طلب الإحسان ، وسيأتي فيه كلام في الباب الخامس من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.
وآل النبي صلىاللهعليهوسلم : بنو هاشم ، وبنو المطلب على المشهور عند المالكية ، والمختار عند الشافعية ، وقيل : عترته ، وهم نسله ورهطه الأدنون ، وقيل : جميع أمته ، ونسب هذا القول إلى الإمام مالك ، وقيل أتقياء المؤمنين.
قال القاضي عياض : وفي رواية أنس سئل النبي صلىاللهعليهوسلم من آل محمد فقال : «كل تقي» (١) وإنما يشتمل الآل الصحابة على هذا القول ، وأما على الأول والثاني فإنما يشمل بعضهم.
__________________
(١) ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد ١٠ / ٢٦٩ ، وقال : رواه الطبراني في الصغير والأوسط ، وفيه نوح بن أبي مريم وهو ضعيف.