مقرّب فوائده للأفهام ، واضع فرائده على طرف الثّمام ، لينالها الطّلاب بأدنى إلمام ، سائل من حسن خيمه ، وسلم من داء الحسد أديمه ،
______________________________________________________
هذه السجعة مع ما قبلها لزوم ما لا يلزم ، وقد ينتقد هذا التركيب بأن أفاد متعد لاثنين بنفسه ، تقول : أفدت زيدا مالا ، وأنا مفيد إياه علما ، فقد اشتمل على إدخال لام التقوية على مفعول ما هو متعد لاثنين ، وهو ممتنع على ما صرح به ابن مالك ، وجوابه أن هذا محمول على ما إذا كان المفعولان مذكورين معا متقدمين على العامل أو متأخرين عنه ؛ إذ في علة المنع التي ذكرها إيماء إلى ذلك المعنى ؛ لأنه قال إن زيدت اللام في المفعولين فلا يجوز ؛ إذ لا يتعدى فعل إلى اثنين بحرف واحد ، وإن زيدت في أحدهما لزم الترجيح بغير مرجح ، وقضية هذا أنه لو لم يذكر إلا واحد فقط ، أو ذكرا معا ، لكن مع تقديم أحدهما جاز لقيام المرجح ، ولا يخفى أن أحد المفعولين هنا محذوف ؛ لأن الغرض تعلق بالمذكور ، وهو ما يفاد لا بالمحذوف ، وهو من يفاد ، فنزل منزلة المتعدي إلى واحد فصح دخول لام التقوية.
(مقرب فوائده للأفهام واضع فرائده على طرف الثمام لينالهما طالبهما بأدنى إلمام) الفوائد جمع فائدة ، وهو اسم للأمر المنتفع به. وقال الجوهري : الفائدة ما استفيد من علم أو مال تقول منه فادت له فائدة ، قلت وهو يائي العين أو واويها ، سمع فيه المفيد والمفود على ما في القاموس ، وواضع ، أي ملق.
والفرائد : الدّر : إذا أنظم وفصل بغيره ، ويقال فرائد الدر كبارها ، وهو جمع فريد شبه مسائل هذا الكتاب النحوية باعتبار ما أدخله بينها في بديع البيان ، ونكت التفسر بالدر الذي نظم ، وفصل بغيره من الجواهر البديعة أو شبهها بكبار الدر في النفاسة ، وعزة وجودها.
والثمام : بثاء مثلثة مضمومة : نبت ضعيف له خوص ، أو شيء شبيه بالخوص الواحدة ثمامة شبه تسهيله للمباحث الجليلة بما ذكر في كونه سببا للنيل من غير مشقة ، والإلمام النزول ومقاربة الشيء وكلاهما ممكن هنا ، وفي فوائده وفرائده الجناس المضارع ، وفي الثمام مع قوله إلمام لزوم ما لا يلزم.
(سائل من حسن خيمه وسلم من داء الحسد أديمه) سأل يتعدى تارة بنفسه إلى مفعولين كما في قوله تعالى : (وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلا يَسْئَلْكُمْ أَمْوالَكُمْ (٣٦) إِنْ يَسْئَلْكُمُوها فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا) [محمد : ٣٦ ـ ٣٧] ومنه ما نحن فيه فمن مفعوله الأوّل ، وقوله فيما يأتي أن يغتفر مفعوله الثاني ، ويتعدى تارة إلى الأول بنفسه وإلى الثاني نحو (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ) [البقرة : ١٨٩] أو في معناها نحو (الرَّحْمنُ فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً) [الفرقان : ٥٩] والخيم بكسر الخاء المعجمة السجية والطبيعة. قال الجوهري : لا واحد له من لفظه والأولى أن ينون سائل لمكان المناسبة لما تقدم ،