إن أجابوا بأنها غير شرطيّة وأنها معمولة لما قبلها وهو سابق. وأما على القول الأول فهي شرطية محذوفة الجواب وعاملها إما خبر «كان» ، أو نفس «كان» ، إن قلنا بدلالتها على الحدث.
والثالث : أنه يلزمهم في نحو : «إذا جئتني اليوم أكرمتك غدا» أن يعمل «أكرمتك» في ظرفين متضادّين ، وذلك باطل عقلا ؛ إذ الحدث الواحد المعيّن لا يقع بتمامه في زمانين ، وقصدا ؛ إذ المراد وقوع الإكرام في الغد لا في اليوم.
فإن قلت : فما ناصب «اليوم» على القول الأول؟ وكيف يعمل العامل الواحد في ظرفي زمان؟
قلنا : لم يتضادّا كما في الوجه السّابق ، وعمل العامل في ظرفي زمان يجوز إذا كان أحدهما أعمّ من الآخر نحو : «آتيك يوم الجمعة سحر» ؛ وليس بدلا ؛ لجواز «سير عليه يوم الجمعة سحر»
______________________________________________________
إن أجابوا بأنها غير شرطية ، وأنها معمولة لما قبلها وهو سابق ، وأما على القول الأول فهي شرطية محذوفة الجواب) وهو ما قدره أولا (وعاملها إما خبر كان) يعني جائيا (أو نفس كان إن قلنا بدلالتها على الحدث) وهو المختار عند ابن مالك وجماعة كما ستعرفه في الباب الثالث إن شاء الله تعالى ، وقد عرفت أنه يرد على أصحاب هذا القول أنه يلزم كون إذا ظرفا غير مختص ، ولقائل أن يقول : السابق في البيت بمعنى الفائت ، ويتجه فيه مذهب الجمهور حينئذ ، إذ المعنى : إني لا أدرك الماضي ولا أفوت المستقبل الجائي إلي بل سيدركني ، فهي شرطية ، والتقدير : إذا كان شيء جائيا إني لا أفوته وانتفاء الفوت حاصل في وقت المجيء ، فاستقام وكذا يستقيم جعلها معمولة لما قبلها على أنها غير شرطية فتأمله.
(الثالث أنه يلزمهم في نحو إذا جئتني اليوم أكرمتك غدا أن يعمل أكرمتك في ظرفين متضادين) وهما غدا وزمن المجيء ، وهو اليوم (وذلك باطل عقلا ، إذ الحدث الواحد المعين لا يقع بتمامه في زمنين) نعم يقع بعضه في زمن وبعضه في زمن آخر (وقصدا إذ المراد وقوع الإكرام في الغد ، لا في اليوم) ولهم أن يقولوا : معنى التركيب إذا جئتني اليوم يكون ذلك سببا لإكرامي لك غدا ، فليس أكرمتك في الحقيقة جوابا فطاح الإشكال.
(فإذا قلت) إذا كان الأمر كذلك (فما ناصب اليوم على القول الأول) المنقول عن المحققين (وكيف يعمل العامل الواحد) وهو الفعل من قولك جئتني (في ظرفي زمان؟) وهما إذا واليوم (قلت :) الناصب هو الفعل المذكور ، وإنما عمل في الظرفين المذكورين ؛ لأنهما (لم يتضادا كما) تضادا (في الوجه السابق) الآتي على قول الجمهور (وعمل العامل) الواحد (في ظرفي زمان يجوز إذا كان أحدهما أعم من الآخر نحو آتيك يوم الجمعة سحر) ، وأقول : ليس