برفع الأول ونصب الثاني ، ونصّ عليه سيبويه ، وأنشد للفرزدق [من الطويل] :
١٣٦ ـ متى تردن يوما سفار تجد بها |
|
أديهم يرمي المستجيز المعوّرا |
فـ «يوما» يمتنع أن يكون بدلا من «متى» ، لعدم اقترانه بحرف الشّرط ، ولهذا يمتنع في «اليوم» في المثال أن يكون بدلا من «إذا» ، ويمتنع أن يكون ظرفا لـ «تجد» ،
______________________________________________________
بين السحر واليوم عموم وخصوص ، وذلك أن السحر هو الوقت الواقع قبل الفجر بقليل ، واليوم هو ما بين الشمس وغروبها ، أو ما بين الفجر والمغرب فليس شيء منهما بصادق على شيء من الآخر فهما متباينان ، اللهم إلا أن يقال : أطلق السحر على أول الفجر لقربه منه من باب إطلاق أحد المتجاورين على الآخر ، فيكون المراد جئتك في جزء من يوم الجمعة سحر ، ولا شك أن جزء يوم الجمعة أعم من سحره فتأمله ، (وليس) سحر (بدلا) من يوم الجمعة حتى يقال : إنما عمل الفعل في الثاني بطريق التبعية ، والكلام إنما هو في عمله في الظرفين بطريق الأصالة ؛ (لجواز سير عليه يوم الجمعة سحر ، برفع الأول ونصب الثاني) ولا سبيل إلى البدلية في هذا ، فيحمل التركيب الأول عليه (نص عليه سيبويه وأنشد للفرزدق :
متى تردن يوما سفار تجد بها |
|
أديهم يرمي المستجيز المعورا) (١) |
ورود الماء هو الشرب منه ، أو الوصول إليه وسفار اسم لبئر لبني مازن بن مالك ، والأديهم تصغير أدهم وهو الأسود ، والمستجيز بالجيم والزاي طالب الماء لأرض أو ماشية ، يقال : استجزت فلانا فأجازني إذا أعطاك ماء لأرضك أو ماشيتك ، وأما المعور بفتح العين المهملة والواو المشددة اسم مفعول من قولك عورته عن الأمر صرفته عنه ، قال أبو عبيدة ويقال للمستجيز الذي يطلب الماء إذا لم تسقه قد عورت شربه ، وأنشد للفرزدق :
متى تردن يوما سفار ... البيت
كذا في «الصحاح» (فيوما يمتنع أن يكون بدلا من متى ؛ لعدم اقترانه بحرف الشرط) والاقتران به شرط في البدل من اسم الشرط تقول : متى جئتني إن يوم الجمعة وإن يوم الخميس أكرمتك ، كما أن الاقتران بحرف الاستفهام شرط في المبدل من اسمه نحو من جاءك أزيد أم عمرو؟ (وبهذا) السبب (يمتنع في اليوم في المثال) المتقدم وهو إذا جئتني اليوم أكرمتك غدا (أن يكون بدلا من إذا ويمتنع) أيضا (في اليوم) الواقع في بيت الفرزدق (أن يكون ظرفا لتجد) وهو
__________________
(١) البيت من البحر الطويل ، وهو للفرزدق في ديوانه ١ / ٢٨٨ ، ولسان العرب ٤ / ٣٧١ (سفر) ، وبلا نسبة في شرح شذور الذهب ص ١٢٤.