إن التاء هنا علامة كالواو في «أكلوني البراغيث» ، ولم يثبت في كلامهم أن هذه التاء تكون علامة.
ومن غريب أمر التّاء الاسميّة أنها جرّدت عن الخطاب ، والتزم فيها لفظ التذكير والإفراد في «أرأيتكما» و «أرأيتكم» و «أرأيتك» و «أرأيتك» ، و «أرأيتكنّ» ، إذ لو قالوا : «أرأيتماكما» جمعوا بين خطابين ، وإذا امتنعوا من اجتماعهما في «يا غلامكم» فلم يقولوه ، كما قالوا : «يا غلامنا» و «يا غلامهم» ـ مع أن «الغلام» طار عليه الخطاب بسبب النّداء ، وإنه خطاب لاثنين لا لواحد ؛ فهذا أجدر ، وإنما جاز «وا غلامكيه» لأن المندوب ليس بمخاطب في الحقيقة ،
______________________________________________________
إلى كنت ؛ لأنك تقول : كنت كذا وكنت كذا ، وأصبحت ، وأصبحت شيخا كبيرا لا تطيق النهوض إلا مع الاعتماد على الأرض ، وهما شر خصال الإنسان ، (أن التاء هنا علامة كالواو في أكلوني البراغيث) ، وهذا إن أراد به الفرار من شذوذ النسبة إلى لفظ الجملة على ما هي عليه فالشذوذ على رأيه لازم ؛ لأن المركب تركيبا غير إضافي سواء كان إسنادا نحو تأبط شرا ، أو مزجيا كبعلبك أو غيرهما نحو : حيثما إنما ينسب إلى صدره ويحذف ما عداه ، فكان القياس أن يقال في النسب إلى كنت : كوني سواء جعلت التاء اسما كما يقول الجماعة أو حرفا كما يقوله هو ، (ولم يثبت في كلامهم أن هذه التاء) وهي المحركة في أواخر الأفعال (تكون علامة) فلا معنى للمصير إلى القول بها من غير ثبت ، (ومن غريب أمر التاء الاسمية أنها جردت عن الخطاب ، فالتزم فيها لفظ التذكير والإفراد) ، وإن كان المخاطب باللفظ الذي فيه مؤنثا وغير مفرد (في أرأيتكما) للمخاطبة مذكرين أو مؤنثين ، (وأرأيتكم) للمخاطبين المذكرين (وأرأيتك) للمخاطبة (وأرأيتكن) للمخاطبات ، وسيأتي الكلام على ذلك مبسوطا في حرف الكاف ، (إذ لو قالوا : أرأيتكما كما جمعوا بين خطابين) لمخاطب واحد في كلام واحد ، وقد يقال : أي محذوف في ذلك ؛ فقد أجازوا مثله في أفعال القلوب نحو : علمتك منطلقا وعلمتاكما منطلقين أي : علمت نفسك وعلمتما أنفسكما ، (وإذا امتنعوا من اجتماعهما في يا غلامكم فلم يقولوه كما قالوا يا غلامنا ويا غلامكم ، مع أن الغلام) في يا غلامكم (طارىء عليه الخطاب بسبب النداء) ، وليس ذلك فيه بحسب الوضع الأصلي ، (وأنه خطاب لواحد) وهو الغلام (لا لاثنين) كما في رأيتكما لمحكوم بمنعه ، (فهذا) الذي قلنا بمنعه (أجدر) بالمنع ؛ لأن الخطاب فيه وضعي ، لا طارىء والمخاطب به اثنان لا واحد ، ولقائل أن يقول : إنما امتنع نحو يا غلامك ويا غلامكما ويا غلامكم ؛ لاستحالة خطاب المضاف والمضاف إليه في حالة واحدة ، كما قال الرضي : ومثل هذا مفقود في نحو أرأيتاكما ، (وإنما أجازوا غلامكيه ؛ لأن المندوب ليس بمخاطب في الحقيقة) وإنما