وهذا قول البصريّين ، وأوجبوا إذا قلت : «حتى رأسها» بالرفع أن تقول «مأكول».
والثاني : أن النّصب في البيت الثاني من وجهين ، أحدهما : العطف ، والثاني إضمار العامل على شريطة التّفسير ، وفي البيت الأول من وجه واحد.
وإذا قلت : «قام القوم حتى زيد قام» جاز الرفع والخفض دون النصب ، وكان لك في الرفع أوجه ، أحدها : الابتداء ، والثاني العطف ، والثالث إضمار الفعل ،
______________________________________________________
الذي كان صالحا بحسب الصورة الظاهرة ، فالفعل من قولنا : أكلت السمكة حتى رأسها جعل صالحا للعمل في رأسها ؛ لأنه مفرد يصح تسلطه على نصبه ، ورفع الرأس موجب لقطع هذا العامل عن ذلك العمل الذي كان صالحا له ؛ لأنه عند الرفع على أنه مبتدأ محذوف الخبر امتنع عمله فيه نصبا ، فإذا صرح بالخبر فقيل : حتى رأسها مأكول لم يكن فيه تهيئة العامل للعمل ؛ وذلك لأن هذا العامل لا تسلط له على الجملة المذكورة ، فلم يكن فيه قطع عما كان هيىء له من العمل (هذا قول البصريين) ، وظاهره أن ذلك قول جميعهم ، وفي كلام ابن الحاجب ما يقتضي أن هذا قول بعضهم لا كلهم ؛ وذلك لأنه قال في أكلت السمكة حتى رأسها بالرفع ، وقد أباه بعض البصريين ، وليس بالجيد ، لقوة الدلالة على خصوصية الخبر المحذوف ، واعترضه المصنف في حواشيه على «التسهيل» بأنه ليس المانع عدم الدلالة عليه ، بل لئلا يلزم تهيئة العامل للعمل وقطعه عنه ، كما منعوا حذف الراجع في نحو زيد ضربته لذلك وإن كان معلوما ؛ (أوجبوا إذا قلت حتى رأسها بالرفع أن تقول مأكول) ، وهذا الذي حكاه ابن الحاجب عن بعضهم.
(والثاني أن النصب في البيت الثاني) في قوله : حتى نعله ألقاها (من وجهين :
أحدهما العطف) إما على الصحيفة أو على الزاد على الخلاف في تعدد المعطوف ، كما أسلفناه في أوائل الكتاب.
(والثاني : إضمار العامل على شريطة التفسير) أي : حتى ألقى نعله ألقاها ، وحتى على هذا ابتدائية لا عاطفة إذ الواقع بعدها جملة ، وهي لا تعطف الجمل على الصحيح ، (وفي البيت الأول من وجه واحد) وهو العطف.
(وإذا قلت : قام القوم حتى زيد قام جاز) لك في زيد (الرفع) على الأوجه التي تأتي (والخفض) على أن حتى جارة (دون النصب) فلا يجوز لفقد ما يقتضيه ، (وكان لك في الرفع :
أوجه أحدها الابتداء) فيكون زيد مبتدأ.
(والثاني العطف) على الفاعل وهو القوم من قولك : قام القوم.
(والثالث إضمار الفعل) على شريطة التفسير فيكون زيد فاعلا بفعل محذوف يفسره ما بعده.