والجملة التي بعدها خبر على الأول ، ومؤكّدة على الثاني ، كما أنها كذلك مع الخفض ، وأما على الثالث فتكون الجملة مفسّرة ، وزعم بعض المغاربة أنه لا يجوز «ضربت القوم حتى زيد ضربته» بالخفض ، ولا بالعطف ، بل بالرفع أو بالنصب بإضمار فعل ، لأنه يمتنع جعل «ضربته» توكيدا لضربت القوم ، قال : وإنما جاز الخفض في : حتّى نعله لأن ضمير «ألقاها» للصحيفة ، ولا يجوز على هذا الوجه أن يقدّر أنه للنعل.
ولا محل للجملة الواقعة بعد «حتى» الابتدائية خلافا للزجّاج وابن درستويه ، زعما أنها في محل جر بـ «حتّى» ؛ ويردّه أن حروف الجر لا تعلّق عن العمل ، وإنما تدخل على المفردات
______________________________________________________
(والجملة التي بعده) أي : بعد زيد (خبر على الأول) فمحلها رفع (ومؤكدة على الثاني) فلا محل لها ، (كما أنها كذلك) أي : مؤكدة (مع الخفض) فلا محل لها أيضا.
(وأما على الثالث فتكون الجملة مفسرة) ولا محل لها أيضا ، وقد سبق التنبيه على أن في هذا الإطلاق تجوزا إذ المفسر هو فعل الجملة لا كلها ، (وزعم بعض المغاربة أنه لا يجوز ضربت القوم حتى زيد ضربته بالخفض ، ولا بالعطف) فيكون منصوبا على ذلك (بل بالرفع) على أنه مبتدأ وضربته الخبر ، (أو بالنصب) على شريطة التفسير (بإضمار فعل ؛ لأنه يمتنع جعل ضربته توكيدا لضربت القوم) ولا شك أن التأكيد على هذا الوجه ممتنع ، ولكن لم لا يجوز أن يكون تأكيدا لضرب زيد الثابت له في الكلام المتقدم ، ولا مانع حينئذ ؛ لأنه توكيد لبعض ما أفهمه الكلام السابق ، (قال : وإنما جاز الخفض في حتى نعله ؛ لأن ضمير ألقاها للصحيفة) فيجوز أن تكون هذه الجملة تأكيدا للأولى وهي ألقى الصحيفة ؛ إذ هو بمثابة قولك : ضربت زيدا ضربته ولا إشكال فيه ، (ولا يجوز على هذا الوجه) وهو خفض النعل بحتى (أن يقدر) في ضمير ألقاها المنصوب (أنه للنعل) ؛ لأن الجملة حينئذ لا تصلح أن تكون مؤكدة لألقى الصحيفة ، فيمتنع التركيب على هذا التقدير كما امتنع ضربت القوم حتى زيدا ضربته على تقدير التأكيد ، وأما إذا قدر أن ضمير ألقاها عائد إلى الثلاثة الصحيفة والزاد والنعل جاز التأكيد بلا شك ؛ لارتفاع ذلك المحذور ، (ولا محل للجملة الواقعة بعد حتى الابتدائية خلافا للزجاج وابن درستويه زعما أنها في محل جر بحتى) ، وهذا في الحقيقة إنكار لوجود حتى الابتدائية ؛ لأن ما يحكم الجماعة بأن حتى فيه ابتدائية يحكمان أنها فيه حرف جر ، (ويرده) كما قال ابن الخباز : (أن حروف الجر لا تعلق عن العمل) ، ومعنى التعليق : منع العمل لفظا لقيام مانع منه ، وهذا إنما ثبت في بعض الأفعال ، ولم يثبت في الحروف الجارة ، (وإنما تدخل على المفردات) نحو : مررت بزيد وسرت