١٩٩ ـ فشدّ ، ولم ينظر بيوتا كثيرة ، |
|
لدى حيث ألقت رحلها أمّ قشعم |
وقد تقع «حيث» مفعولا به وفاقا للفارسي ، وحمل عليه : (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ) [الأنعام : ١٢٤] إذ المعنى أنه تعالى يعلم نفس المكان المستحقّ لوضع الرسالة فيه ، لا شيئا في المكان ، وناصبها «يعلم» محذوفا مدلولا عليه بـ «أعلم» ، لا «أعلم» نفسه ، لأن أفعل التفضيل لا ينصب المفعول به ،
______________________________________________________
لدى حيث ألقت رحلها أم قشعم) (١)
وأم قشعم الحرب والمنية والداهية وهو من الأعلام الجنسية ، كأم عريط للعقرب ، وقشعم بالقاف والشين المعجمة والعين المهملة على وزن جعفر ، وهنا مسألة وهي أنه تقرر أن المضاف إليه في مثل هذه الأعلام يجري عليه حكم العلم ؛ لكن هل المراد حكم علم المذكر حتى يصرف في نحو أم كلثوم ، وكما هو الجاري على ألسنة المحدثين ؛ لأن كلثوما لو كان علما لمذكر انصرف ، ويمنع في نحو أم سلمة ؛ لأن سلمة لو سمي به مذكرا امتنع من الصرف ، أو المراد حكم علم ذلك المسمى مؤنثا كان أو مذكرا فيلزم منع الصرف في نحو أم كلثوم وأم محمد ، حيث يجعل علم مؤنث وهم لا يمنعونه ، هذا محل ينبغي أن يحرر ولم أقف فيه على شرح صريح ، وعلى الاحتمال الأول يكون الصرف في البيت على القياس ، وأما على الثاني فيكون للضرورة.
(وقد تقع) حيث (مفعولا به وفاقا للفارسي) ، قال بذلك (وحمل عليه) قوله تعالى : (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ) [الأنعام : ١٢٤] إذ المعنى أنه سبحانه وتعالى يعلم نفس المكان المستحق لوضع الرسالة فيه لا شيئا في المكان ، ولو قيل : بأن المراد يعلم الفضل الذي هو في محل الرسالة لم يبعد ، وفيه إبقاء حيث على ما عهد من ظرفيتها ، والمعنى أنه تعالى لن يؤتيكم مثل ما أوتي رسله من الآيات ؛ لأنه يعلم ما فيهم من الزكاء والطهارة والفضل والصلاحية للإرسال ولستم كذلك (وناصبها) في الآية على تقدير جعلها مفعولا به ، (يعلم محذوفا مدلولا عليه بأعلم لا أعلم نفسه) وهذا عطف على خبر ناصبها ، وهو يعلم فهو مرفوع ، ويوجد في بعض النسخ : لا بأعلم نفسه بإدخال الباء على أعلم وهو عطف على المعنى ، إذ الكلام الأول في معنى قولك وتنصب بيعلم ؛ (لأن أفعل التفضيل لا ينصب المفعول به) مع بقائه في معنى التفضيل باتفاق ؛ لضعف
__________________
(١) عجز بيت من البحر الطويل ، صدره : فشدوا ولم تفزع بيوت كثيرة ، وهو لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ص ٢٢ ، وخزانة الأدب ٣ / ١٥ ، ولسان العرب ١٢ / ٤٨٥ (قشعم).