فإن أوّلته بـ «عالم» جاز أن ينصبه في رأي بعضهم ؛ ولم تقع اسما لـ «أنّ» ، خلافا لابن مالك ، ولا دليل في قوله [من الطويل] :
٢٠٠ ـ إنّ حيث استقرّ من أنت راعي |
|
ه حمى فيه عزّة وأمان |
لجواز تقدير «حيث» خبرا ، و «حمى» اسما ؛ فإن قيل : يؤدّي إلى جعل المكان حالّا في المكان ، قلنا : هو نظير قولك : «إنّ في مكّة دار زيد» ، ونظيره في الزمان : «إنّ في يوم الجمعة ساعة الإجابة».
وتلزم «حيث» الإضافة إلى جملة ،
______________________________________________________
مشابهته للفعل ، فإن وجد ما يوهم ذلك قدر ناصب المفعول الواقع بعده محذوفا كما فعل المصنف ، كقوله تعالى : (هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ) [الأنعام : ١١٧] أي : أعلم من كل أحد يعلم من يضل عن سبيله ، وكذا قول الشاعر :
واضرب منا بالسيوف القوانسا (١)
أي : يضرب القوانس وهي بيضات الحديد جمع قونس (فإن أولته بعالم جاز أن ينصبه في رأي بعضهم) كما صرح به في «التسهيل» ، ووجهه أنه إذا خرج بالتأويل عن التفضيل جاز أن يضاف إلى ما ليس بعضه ؛ نظرا إلى زوال المانع وهو قصد التفضيل ، فكذا يجوز أن يعمل النصب لمشابهته حينئذ للفعل بلا ضعف ويجري الجر والنصب إذ ذاك على وتيرة واحدة ، (ولم تقع) حيث (اسما لإن خلافا لابن مالك ولا دليل له في قوله :
إن حيث استقر من أنت راعيه |
|
حمى فيه عزة وأمان (٢) |
لجواز تقدير حيث خبرا وحمى اسما فإن قيل يؤدي إلى جعل المكان) وهو الحمى ؛ إذ هو اسم لمكان حمى من دخوله والقرب منه (حالا في المكان) وهو محل الاستقرار بخلاف تقرير ابن مالك ؛ فإنه ليس فيه إلا الإخبار عن مكان استقرار ، من يرعاه الممدوح بأنه مكان فيه عزة وأمان ، وهذا لا محذور فيه ، (قلنا : هو نظير قولك : إن في مكة دار زيد ونظيره في الزمان إن في يوم الجمعة ساعة الإجابة) وهذا من باب التوسع.
(وتلزم حيث الإضافة إلى جملة) إما برفع الإضافة على أنها فاعل تلزم وحيث مفعول ،
__________________
(١) عجز بيت من البحر الطويل ، صدره : أكر وأحمى للحقيقة منهم ، وهو للعباس بن مرداس في ديوانه ص ٦٩ ، والأصمعيات ص ٢٠٥ ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ١ / ٣٤٤.
(٢) البيت من البحر الخفيف ، وهو بلا نسبة في الدرر ٣ / ١٢٩ ، وهمع الهوامع ١ / ٢١٢.