وغلبة معدّاها ، ومضيّه ، وإعمالها محذوفة بعد الفاء كثيرا ، وبعد الواو أكثر ، وبعد «بل» قليلا ، وبدونهنّ أقلّ ، كقوله [من الطويل] :
٢١١ ـ فمثلك حبلى قد طرقت ومرضع |
|
[فألهيتها عن ذي تمائم محول] |
وقوله [من الطويل] :
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه |
|
[ثمال اليتامى عصمة للأرامل] |
______________________________________________________
مجرى النكرة أو هو نكرة؟ قولان ذهب إلى الأول كثير منهم الفارسي ، وإلى الثاني قوم منهم الزمخشري وابن عصفور ، (وغلبة حذف معداها) أي : الفعل الذي تعديه كأن يقال لك : ما لقيت رجلا عالما؟ فتقول في الجواب : رب رجل عالم أي : قد لقيت.
قال ابن يعيش ولا يكاد البصريون يظهرون الفعل العامل حتى إن بعضهم قال : لا يجوز إظهاره إلا في ضرورة الشعر ، (ومضيه) وسيذكر المصنف مثال وقوعه مستقبلا ، (وإعمالها محذوفة بعد الفاء كثيرا) كما قال ابن مالك ، واستشكله ابن قاسم أنه لم يرد إلا في اثنين كما قال بعضهم ، ولعله أراد بالنسبة إلى بل ، (وبعد الواو أكثر وبعد بل قليلا وبدونهن أقل كقوله) أي : قول امرىء القيس :
(فمثلك حبلى قد طرقت ومرضع) |
|
فألهيتها عن ذي تمائم محول (١) |
الطروق الإتيان ليلا والمرضع التي لها ولد رضيع ، وإذا بنيت على الفعل أنثت فتقول : أرضعت فهي مرضعة ، وألهيتها شغلتها ، والتمائم جمع تميمة وهي العوذة ، وأحول الصبي فهو محول إذا تم له حول أي : سنة ، وإنما خص الحبلى والمرضع ؛ لأنهما أزهد النساء في الرجال وأقلهن شغفا بهم ، يقول : قد خدعت مثل هاتين مع اشتغالهما بأنفسهما متخلصين مني ، وقد حكى ابن عصفور وابن مالك إجماع النحويين على أن الجر في ذلك برب المحذوفة لا بالفاء (وقوله :
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه) |
|
ثمال اليتامى عصمة للأرامل (٢) |
وقد مر إنشاده والتنبيه عليه على أن الظاهر كون أبيض منصوبا لا مجرورا برب ، وشاهد النحاة المشهور قوله :
__________________
(١) تقدم تخريجه.
(٢) تقدم تخريجه.