في «قد» والتصغير إفادتهما التقليل ، و «ربّ» بالعكس.
وتنفرد «ربّ» بوجوب تصديرها ، ووجوب تنكير مجرورها ، ونعته إن كان ظاهرا ، وإفراده ، وتذكيره ، وتمييزه بما يطابق المعنى إن كان ضميرا ،
______________________________________________________
في قد والتصغير إفادتهما للتقليل ، ورب بالعكس) ؛ إذ الغالب إفادتهما التكثير ؛ وقد عرفت ما في ذلك.
(وتنفرد رب) من سائر حروف الجر (بوجوب تصديرها) ، واستشكل ذلك أبو حيان بوقوعها خبرا لأن في قوله :
أماوي إني رب واحد أمه |
|
قتلت فلا أثر لدي ولا قتل (١) |
وهذا كما تراه ظاهر فإن ما في البيت لا تنافي المصدرية ، بدليل صحة قولك : إن زيدا ما قام وزيد لأبوه قائم ، وقد تابعه بعض شراح «التسهيل» على هذا الغلط ، (ووجوب تنكير مجرورها) وهذا هو المعروف ، وأجاز بعض النحويين تعريفه بأل وأنشد قول الشاعر :
ربما الجامل المؤبل فيهم (٢)
بجر الجامل وصفته فإن صحت روايته كذلك حمل على زيادة أل ، فإن قلت : لا نزاع في صحة مثل رب رجل وأخيه ، والثاني معرفة قطعا ، قلت : اغتفروه من حيث إن رب لم تباشره ، والثواني يغتفر فيها ما لا يغتفر في الأوائل ، فإن قلت : قد حكى الأصمعي : رب أخيه ورب أبيه ، قلت : هو من الندور بمكان فلا يرد ، (ونعته إن كان ظاهرا) وهذا مذهب المبرد وابن السراج والفارسي وأكثر المتأخرين ، وفي «البسيط» أنه مذهب البصريين ، وخالف في ذلك الأخفش والفراء والزجاج وابنا طاهر وخروف ، قال ابن مالك : وهو ثابت بالنقل الصحيح في الكلام الفصيح ، (وإفراده وتذكيره وتمييزه بما يطابق المعنى إن كان ضميرا) ، فتقول : ربه رجلين وربه رجالا ، وربه امرأة استغناء بتثنية تميزه وجمعه ، وحكى الكوفيون مطابقة الضمير للتمييز نحو : ربهما رجلين وربهم رجالا وربها امرأة ، حكوا ذلك نقلا عن العرب ، وقال ابن عصفور : إنهم أجازوا ذلك قياسا وليس كما قال ، كذا في «الجنى الداني» ، وهل هذا الضمير معرفة جرى
__________________
(١) البيت من البحر الطويل ، وهو لحاتم الطائي في الدرر ٤ / ١١٩ ، ولم أقع عليه في ديوانه ، وبلا نسبة في همع الهوامع ٢ / ٢٦.
(٢) صدر بيت من البحر الخفيف ، عجزه : وعناجيج بينهن المهار ، وهو لأبي داود الإيادي في ديوانه ص ٣١٦ ، والأزهية ص ٩٤ ، وخزانة الأدب ٩ / ٥٨٦ ، وبلا نسبة في أوضح المسالك ٣ / ٧١ ، والجنى الداني ص ٢٤٨.