قد يؤثر في اختلاف التشريع ، وان على الأمة ان تفكر تفكيرا مستقلا ودون التأثر بسلبيات الأمم السابقة (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ).
ثم يحدثنا عن ان القبلة ليست مقدسة بذاتها بل لأن الله امر بتكريمها. وإذا غيّر الله القبلة زالت قداسة القبلة الأولى ، وليس لله سبحانه حلول في القبلة حتى تقدس تقديسا دائما.
وبين مدى العلاقة بين القبلة وبين شخصية الأمة التي جعلت مهيمنة على سائر الأمم وشاهدة عليها تراقب مدى تطبيقها لقيم الحق.
واما القبلة السابقة فكان تشريعها بهدف محدد ومحدود ، هو : اختبار مشركي قريش لمعرفة مدى صدقهم في قبول رسالة الله التي تدعوهم الى اتباع قبلة أعدائهم اليهود.
القبلة التي شرّعت للأمة هو المسجد الحرام ، الذي له كرامة يعرفها أهل الكتاب ولكنهم يكتمون الحق ، انطلاقا من أهوائهم وتفكيرهم العنصري الضيق.
ولقد كان الأحرى بهم ان يطبقوا كتابهم على أنفسهم ، لا ان يحرّفوا الكتاب حسب أهوائهم. وبالرغم من ان قبلتك حق لا ريب فيه ، فلا يعني ذلك ان تتورط الامة في العنصرية ، وتزعم أنها بمجرد التوجه الى القبلة الحق تكون هي أكرم عند الله من غيرها.
كلّا ، إن هذه شعائر ظاهرية لا أكثر ، ومقياس الكرامة هو التسارع الى الخيرات ، فمن كان أسبق الناس الى الخير كان أكرم عند الله ، وبعد ان يؤكد القرآن التوجه الى المسجد الحرام يحذر الامة من الضعف امام الأعداء أو الخشية منهم ، لأن من كان مع الحق يجب ان لا يخشى أحدا.