مستحيل على البشر ان يوحد أفكاره بهذه الدرجة ، مع اختلاف والظروف والضغوط ، والثقافات و، و.
انك لا تجد كاتبين يتحدان في أصول الفكر ، أو في تفاصيله ، حتى ولو كانا توأمين ينتميان الى مذهب واحد ، ويعيشان في أرض واحدة ، ويعملان من أجل هدف مشترك فكيف بشخصين عاشا في عصرين متناقضين ، ويختلفان عن بعضهما في كلّ شيء ، إلّا في التفكير؟! هل يمكن ذلك لو لم يكن مصدر الفكر واحدا؟
وبالطبع لم يكن «عيسى» مقلدا لموسى (ع) ، بل كان مشرّعا أيضا ، ومطبقا لشريعته بإذن الله ، وحسب الظروف المختلفة ، ولكن مع كلّ ذلك فقد ظلت أصول فكره ، وطريقة معالجته للقضايا ، وأهدافه التشريعية واحدة لأنّهما رسولان من إله واحد ..
(وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ)
للدلالة على صدق النبوة وضمان سلامة التطوير ، انه من عند الله.
(فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ)
[٥١] وأهم وأبرز الأدلة على صدق الأنبياء في دعوتهم ، انهم لا يدعون الناس الى أنفسهم ، بل الى الله الذي يلزمون أنفسهم بأوامره ويخلصون له العبادة ، ثم يأمرون الناس بمثل ذلك وعيسى فعل مثل ذلك ، وهو دليل على انه بشر وانه رسول ، فهو ليس إلها يدعو الناس الى ذاته ، كما انه ليس سلطانا يفعل مثل ذلك باعتبار ان السلاطين يستحيل أن يدعو الناس الى غير أنفسهم.
(إِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ)