الأرض الواقعة بين الستارة والسور الحديدى ، هى وذلك الجزء من المسجد مرصعة بفسيفساء رخامية زاهية الألوان ؛ فى هذا المكان نجد الثريات الزجاجية معلقة حول الستارة ، وتجرى إضاءة تلك الثريات والمصابيح فى المساء وتظل مشتعلة طول الليل. والمسوّر كله ، أو بالأحرى الحجرة ، مغطاة بقبة فاخرة ، ترتفع فوق مستوى القباب الأخرى التى تشكل سقف أبهاء الأعمدة ، ويراها الناس من مسافة بعيدة خارج المدينة المنورة ، وزوار المدينة المنورة ما إن يشاهدوا تلك القبة ، إلا ويبدأون فى ترديد بعض الأدعية ، وهذه القبة مغطاة بالرصاص على شكل كرة كبيرة ، ولها هلال متلألئ من الذهب ، (*) لكن الإنشاء والغطاء الرصاصى صعّب هذه المسألة ؛ فقد سقط اثنان من العمال من فوق السطح الناعم الأملس ، وقذف بهما إلى الأسفل قذفا عنيفا ، الأمر الذى أدى إلى إيقاف عملية التدمير ، وهذا الحادث يردده الناس على أنه معجزة من معجزات النبى لصالح مسجده.
بالقرب من ستارة الحجرة ، ولكن بمعزل عنها ، وعلى الرغم من وقوعه فى محيط المسور الحديدى ، الذى ينبغى أن نقر هنا ، بأنه ينحرف بعض الشىء هنا عن الشكل المربع ، يوجد قبر ستنا فاطمة ، ابنة محمد صلىاللهعليهوسلم ، وزوجة على بن أبى طالب رضياللهعنه ، وقبر ستنا فاطمة مكون من شىء يشبه النعش أو التابوت الذى يشكل مكعبا من المكعبات ، والقبر مغطى بكسوة من القماش المطرز ، الخالى من أى نوع من الزينة. لكن هناك شىء من الاختلاف فى الرأى ، حول مسألة وجود رفات ستنا فاطمة هنا فى هذا المكان أم فى البقيع ، والبقيع منطقة تقع خلف المدينة (المنورة). وإلى أن تجرى تسوية ذلك الخلاف أو الجدل ، فإن الحجاج يجرى إدخالهم إلى المكانين ، ويدفعون لذلك أجرين. على الجدار الشرقى من المسجد ، يوجد شباك صغير ، فى المكان الذى يقال إن جبريل عليهالسلام نزل عليه مرارا قادما من السماء ، حاملا الوحى إلى محمد صلىاللهعليهوسلم. هذه النافذة يسميها الناس مهبط جبريل.
__________________
(*) السلطان سليمان بن سليم هو الذى أمر أن تكون تلك الكرة والهلال من الذهب ، وجرى إرسالهما من إسطنبول إلى المدينة (المنورة). القبة والمسجد كله بالشكل الذى هو عليه حاليا ، بناهما قايتباى ، سلطان مصر ، فى الفترة من ٨٨١ هجرية إلى ٩٠٢ هجرية.