لم يكن المرافقون لى قد جاءوا بعد. جريت فى اتجاه سهل الشيخ محمود ، عند ما فهمت أن شائعة ، لا أعرف إن كانت صادقة أم كاذبة ، مفادها أن محمد على باشا كان ينتظر تجمع الإبل كلها فى الصباح فى السهل ، ثم يقوم بعد ذلك بالاستيلاء عليها كلها وإرسالها إلى الطائف ، الأمر الذى حدا بكثير من البدو إلى الهرب بإبلهم أثناء الليل ؛ كان واضحا أن هؤلاء الذين سبق أن اتفقت معهم كانوا من بين أولئك الذين هربوا أثناء الليل ، وفى عجلة الرحيل وفوضاه يستحيل العثور على الإبل ، واضطررت بعد ذلك إلى العودة إلى مكة ، بصحبة كثير من المكيين ، الذين خاب أملهم بالطريقة نفسها.
فى لحظة انطلاق القافلة الدمشقية ، يقوم قائدها بتوزيع بعض المؤن والتموينات على الفقراء. كان سليمان باشا قد أعد لهذه المناسبة ما يقرب من حمولة مائتى جمل بالقرب من خيمته ، وبعد أن ركب سليمان باشا حصانه بعد الإشارة المتفق عليها ، قام المنتظرون بالاستيلاء على هذه الكمية من المؤن والتموينات ، وساد هرج ومرج وفوضى شديدة ، وقامت مجموعة من الزنوج المسلمين بالعصى والهراوات بالاستيلاء على القسم الأكبر من هذه المؤن والتموينات.
جرت العادة أن تتوقف قافلة الحج السورية مدة يومين أو ثلاثة ، فى رحلة عودتها ، فى وادى فاطمة ، الذى يعد المحطة الأولى بعد الانطلاق من مكة ، وذلك حتى يمكن إطلاق الإبل ترعى بعض الوقت فى المراعى الطيبة المجاورة للوادى ، لكن سليمان باشا الذى لم يكن يثق كثيرا بمحمد على باشا ، ومن باب تخوفه من أن يطلب الرجل المزيد من إبل القافلة ، واصل المسير مسافة محطتين أخريين ، وبذلك يكون قد تجاوز وادى فاطمة ، وبذلك خيب الرجل آمال الكثيرين من أصحاب الدكاكين المكيين الذين كانوا يعقدون آمالهم على إقامة سوق للقافلة فى ذلك التوقيت. وقد أصاب الهذيان الباشا أثناء الرحلة ، وقد وضع الرجل تحت حراسة ضباطه ، قبل وصوله إلى دمشق ، لكنه أفاق من ذلك الهذيان عند ما وصل إلى دمشق ، غير أنه توفى بعد ذلك بفترة قصيرة.