إذا طلع النّجم اتّقي اللّحم ، وخيف السّقم ، وجرى السّراب على الأكم» (١). أمر بالحمية وخوّف (٢) السقم وجرى (٣) (السراب) : لأنه (يجري عند طلوعها ، ولا يجري قبل ذلك) (٤).
يقال : إن وقت طلوع الثّريّا أوبأ وقت في السنة (٥) ، وأوبأ من ذلك وقت طلوعها مع الشمس. وقال طبيب العرب : «اضمنوا لي ما بين مغيب الثّريّا إلى طلوعها ، وأضمن لكم سائر السنة» (٦).
فأما قول النبي ، صلىاللهعليهوسلم : «إذا طلع النّجم لم يبق في الأرض شيء من العاهة إلّا وقع» (٧) فإنما أراد بذلك ، والله أعلم ، عاهة الثمار ، لأنها تطلع وقد أزهى البسر بالحجاز ، وأمنت عليه الآفة وحلّ بيعه.
ولطلوع الثّريا بالغداة بارح ينسب إليها ، وهو أوّل الوغرات (٨). والوغرة (٩) هيجة من الحرّ شديدة. والنجوم التي تنسب إليها الوغرات ستة ، وهي الثّريّا والدّبران والجوزاء والشّعرى والعذرة وسهيل. وهي نجوم البوارح إلا أن بارح الثّريّا وسهيل دون بوارح الباقية.
وعند طلوع الثّريّا يعمّ الحنطة الحصاد ، ويدرك التفاح ، وتغور المياه كلّها ، إلا نيل مصر ، فإنه يمتدّ. فإن كثر النّدى كثر مدّه ، وإن قلّ الندى قلّ مدّه. وإذا قلّ الندى كانت تلك السنة قليلة الماء.
__________________
(١) أنظر السجع في الأنواء ٣١ ، والأزمنة ٢ / ١٨٠ ، والمخصص ٩ / ١٥.
(٢) في الأصل المخطوط : ويخوف ، وهو غلط.
(٣) في الأصل المخطوط : وحوى ، وهو تصحيف.
(٤) هذه الزيادة من الأنواء ٣١.
(٥) أنظر الآثار الباقية ٣٤٢ ، والأنواء ٣٠.
(٦) أنظر الأنواء ٣٠.
(٧) أنظر الحديث والبحث فيه في الأنواء ٣١ ، واللسان (نجم). وفيهما «إلا رفع».
والمراد بهذا الحديث أرض الحجاز ، لأن الحصاد يقع بها في أيار ، وتدرك الثمار ، وحينئذ تباع لأنها قد أمن عليها من العاهة. والمقصود عاهة الثمار كما ذكر المؤلف سابقا (وانظر اللسان : نجم).
(٨) في الأصل المخطوط : الوعرات ، وهو تصحيف.
(٩) سماها أبو الريحان البيروني في الآثار الباقية ٢٧٣ : الوقدة ؛ وذكر وقدة سهيل ؛ وهي بمعنى الوغرة. أنظر الأنواء ـ ١٢٠ ١١٩.