الأنواء عند العرب في الإسلام
استقر العرب بعد الإسلام والفتوح في البلاد المجاورة الواقعة في شمال جزيرة العرب. ولم يلبثوا ، بعد الاستقرار ، أن بدءوا يهتمون بشئون الحضارة والعمران ، منذ أوائل القرن الثاني للهجرة. فأخذوا يدونون شعرهم ولغتهم ، ويترجمون العلوم من اللغات الأخرى. وبذلك بدأت نهضة العرب الكبرى في القديم مع استحكام شأن الدولة العربية وثبات أركانها.
ويغلب على ظننا أن أول كتاب ترجمه العرب من اللغة اليونانية إلى لغتهم هو كتاب عرض مفتاح النجوم المنسوب إلى هرمس الحكيم اليوناني وهو كتاب موضوع على تحاويل سني العالم ، وما فيها من أحكام النجوم (١).
وقد اتسعت نهضة العرب الناشئة ، وتعددت مناحيها ، مع تقدم الأيام واستمرار نقل العلوم من اللغات الأخرى ، حتى غدت حضارة زاهرة عظيمة في عهد بني العباس في بغداد ، منذ أوائل القرن الثالث للهجرة ، أي بعد مضي قرن من الزمان على بدء تكوينها.
وفي هذه الأثناء زادت رغبة العرب في أحكام النجوم ، وحبهم للاطلاع على الكتب الموضوعة في هذا الفن. حتى شاع بين الناس ، وجرى على ألسنتهم القول الآتي : «إن العلوم ثلاثة : الفقه للأديان ، والطب للأبدان ، والنجوم للأزمان» (٢).
__________________
(١) الفهرست ٢٦٧ ، ٣١٢ ، ٣١٣ ،
(٢) علم الفلك ، تاريخه عند العرب في القرون الوسطى ١٤٣.