«إذا طلعت النّثرة قنأت البسرة ، وجني النخل بكرة ، وأوت المواشي حجرة ؛ ولم تترك في ذات درّ قطرة» (١). قوله «قنأت البسرة» أي اشتدت حمرتها حتى تشاكه السواد ، والقاني : الشديد الحمرة. وأوت المواشي حجرة : أي ناحية ، يريد أنهم يحلبونها في هذا الوقت ، فلا يتركون في ضروعها لبنا ، لتنال أولادها من المرعى ، وتسلو عن الأمّهات. لأنهم قد همّوا بفصالها.
وفي هذا الوقت تطلع الشّعرى العبور. وعند ذلك تنتهي شدة الحرّ. وكانت العرب تقول : «إذا رأيت الشّعريين يحوزهما النهار ، فهناك لا يجد الحرّ مزيدا» (٢). وحوز النهار لهما : أن يطلعا بين يدي الشمس ، بعد طلوع الفجر. فتسوقهما الشمس حتى يغربا قبلها ، فلا يكون لليل فيهما حظّ. وذلك حين ينتهي الحرة إلى غايته.
ولطلوع الشّعرى بارح ينسب إليها. وهو من أشد البوارح والوغرات (٣). يقال : إن الرجل يعطش بوغرة الشّعرى بين الحوض والبئر. وقال ساجع العرب :
«إذا طلعت الشّعرى نشف الثّرى ، وأجن الصّرى ، وجعل صاحب النّخل يرى (٤)». الصّرى : الماء المجتمع في الغدران والمناقع وأجن : تغيّر لشدّة الحرّ. وجعل صاحب النخل يرى : أي يتبين ثمرة نخله ، لأنها حينئذ تكبر (٥).
__________________
(١) أنظر السجع في الأنواء ١٧ ، والأزمنة ١ / ١٨١ ـ ١٨٢ ، والمخصص ٩ / ١٥ وعجائب المخلوقات ٤٥ ، والمزهر ٢ / ٥٢٨. وجني النخل بكرة : أي يكون حينئذ أول وقت صرام النخل ، فيجنون ثمرة بكرة لأنه في ذلك الوقت بارد ببرد الليل.
(٢) أنظر هذا القول في الأنواء ٥٣ ، وزاد في أوله : «إذا رأيت الشعريين يحوزهما الليل فهناك لا يجد القر مزيدا ....»
(٣) أنظر معنى الوغرات ص ١٥٠.
(٤) في الأصل المخطوط : نسف ... النحل ، وهما تصحيف.
وانظر السجع في الأنواء ٥٢ ، والمخصص ٩ / ١٥ ، والأزمنة ٢ / ١٨١ ، والمزهر ٢ / ٥٢٩.
(٥) أي يكبر ثمر النخل فيراه صاحبه