والفرس واليونان والقبط ، إلى جانب الفصول التي كانوا يكتبونها في الأنواء علي مذهب العرب. وكانوا يضيفون إلى كتبهم ، فوق ذلك ، أشياء أخرى مقتبسة من كتب علوم الهيئة والنجوم على مذهب أهل الحساب والرصد.
وأفضل مثال لهذا النوع من كتب الأنواء هو كتاب الأزمنة والأمكنة لأبي علي المرزوقي (٤٢١). فالباب الرابع من هذا الكتاب مثلا هو : (في ذكر ابتداء الزمان وأقسامه ، والتنبيه على مبادئ السنة في المذاهب كلها ، وما يشاكل ذلك من تقسيمها على البروج). والباب الخامس منه هو : (في قسمة الأزمنة ودورانها ، واختلاف الأمم فيها). والباب السابع منه هو : (في تحديد سني العرب والفرس والروم ، وأوقات فصول السنة). ولسنا نجد مثل هذه الأبواب في كتاب الأنواء لابن قتيبة.
ويوازن المرزوقي ، فوق ذلك ، بين معارف العرب في الأزمنة والأنواء وبين معارف غيرهم من الأمم في تضاعيف كتابه ، ويذكر أشياء كثيرة للأمم الأخرى ليشاكل بها ما يذكره للعرب ، في مواضع كثيرة من كتابه الكبير. ولسنا نرى شيئا من مثل هذا في كتاب الأنواء لابن قتيبة أيضا.
وكان علماء الهيئة والنجوم ، من جهتهم ، يذكرون في كتبهم العلمية أطرافا من الأزمنة والأنواء على المذاهب المختلفة كما فعل المؤلفون في الأنواء في الاقتباس من كتب علوم الهيئة والنجوم سواء. ونظرة منا عجلى إلى كتاب الآثار الباقية من القرون الخالية لأبي الريحان البيروني كافية لإدراك هذه الحقيقة. فقد ذكر البيرون ، في كتابه هذا ، سنة العرب وشهورهم ، ومنازل القمر عندهم ، وأشياء أخرى في الأنواء على مذهبهم ، وأورد كذلك ، للأمم الأخرى ، كثيرا من الأمور المشاكلة لذلك.