وأقام بها مدة يسيرة ، ثم توجه إلى مصر ، وبقى ثقبة فى البلاد وحده ، وقطع نداء أخيه عجلان من زمزم.
فلما كان اليوم الخامس من شوال سنة خمسين وسبعمائة ، وصل عجلان من مصر متوليا لجميع البلاد ، فتوجه ثقبة إلى ناحية اليمن بلا قتال ، وأقام عجلان متوليا لمكة بمفرده ، بقية سنة خمسين ، وسنة إحدى وخمسين ، ودخل ثقبة وأخوه إلى مكة ، فى ولاية عجلان هذه ؛ لأنهم لا يموا الملك المجاهد صاحب اليمن من حلى ، وهو متوجه إلى مكة للحج ، فى سنة إحدى وخمسين.
وكان عجلان هم بمنع المجاهد وإخوته من دخول مكة ، فغلبوه ودخلوها ، ولم يلتفت المجاهد لعجلان ، ولا أنصفه ، ولم يلتفت إلى أحد من الأشراف والقواد ، ولا إلى أمير الحاج المصرى بزلار ، وإنما أقبل على الأمير طاز ، أحد الأمراء المقدمين فى الركب المصرى.
فعمل عليه عجلان عند أمير الركب بزلار ، حتى ركب بزلار ولفيفه على المجاهد بمنى فى أيام التشريق ، وحاربوا المجاهد ، ولم يقاتل ، وإنما قاتل عسكره ، فانكسر عسكر المجاهد ونهبت محطته ، وأخذ أسيرا بأمان ، وحمل إلى مصر. وكان من خبره ما يأتى ذكره فى ترجمته إن شاء الله تعالى ، ثم إن المصريين هموا بالقبض على عجلان ؛ لأنه ربما أظهر للمجاهد أنه معه على المصريين.
فلما علم بذلك عجلان ، أخبر أصحابه ، فاجتمعوا إليه وصاروا فى جمع عظيم. فلما أحسّ بهم الأمراء المصريون ، هالهم ذلك ، وأنكروا على عجلان ، وسألوه أن يكفّهم عنهم فكفهم ، ورحل الحاج من فوره ، وأقام عجلان بمكة بقية سنة إحدى وخمسين.
وفى سنة اثنتين وخمسين ، كان عجلان بمكة ، وثقبة بالجديد ، وجبى ثقبة الجلاب الواصلة إلى جدة ، جباء عنيفا ونجلها جميعا.
وفى سنة اثنتين وخمسين وسبعمائة ، وصل مرسوم من صاحب مصر ، يطلب الشريفين عجلان وثقبة ، فتوجها إلى القاهرة. فأما ثقبة فبلغها. وأما عجلان فإنه وصل إلى ينبع ، وقصد منها المدينة النبوية للزيارة ، وتوجه منها إلى مكة. ولم يزل مالكها إلى ذى القعدة من سنة اثنتين وخمسين ، ومنع ثقبة لما أن وصل من مصر متوليا لمكة بمفرده ، من دخول مكة.
فأقام ثقبة بخليص ، إلى أن وصل الحاج المصرى فى سنة اثنتين وخمسين ، وجاء ثقبة