مع أمير الحاج المجدى ، وأراد عجلان منعهما من دخول مكة ، ثم إن المجدى أصلح بين الأخوين ، على أن يكون لكل منهما نصف البلاد ، بموافقة ثقبة على ذلك.
وفى سنة ثلاث وخمسين ، توجه عجلان إلى ناحية اليمن ، فلقى جلبة وصلت من اليمن فيها عبد القاضى شهاب الدين الطبرى قاضى مكة ، وجماعة من أهل مكة فأخذ ما فيها.
وكان قدرا جسيما ، وبعد فعله هذا بأيام ، زالت إمرته من مكة ؛ لأن أخاه ثقبة لما بلغه فعل عجلان هذا ، توجه إلى عجلان ، وعجلان فى قلة من أصحابه ، وغرّه بالصلح. فوثب عليه ، وقيد معه على بن مغامس بن واصل الزباع ، وأخذ جميع ما كان مع عجلان من الخيل والإبل ، فلما كان الليل ، ورقد الموكّل بعجلان ، فخلع عجلان القيد من رجليه ، وكان واسعا ، وهرب إلى امرأة من الفريق الذى كانوا فيه فانزوى إليها ، وعرّفها بنفسه ، وسألها أن تخفيه ، فقالت له : ما تخشى من ثقبة؟ فقال لها : لا بأس عليك ، أنا أتحيّل فى إخفائى ، بأن أحفر حفرة تغيّبنى ، وأقعد فيها ، وحطّى علىّ أمتعتك ولا عليك. فلما انتبه الموكل بعجلان فقده ، فلم يجده. فذهب إلى ثقبة، وعرفه الخبر.
فأخذ هو وأصحابه فى طلب عجلان فلم يجدوه ، وأتى إلى بيت المرأة التى هو مختف عندها ، ودوره بنفسه ، فلم يجد عجلان فيه. فلما كان الليل ، أركب فرسا وراح إلى بنى شعبة باليمن.
وفى سنة أربع وخمسين : توجه عجلان إلى نخلة ، بعد أن كان فى أول السنة بالواديين ، وأخذ منها المال الذى كان نهبه ، وقصد الجديد ، وفرق المال ، وأقام بالجديد ، إلى آخر السنة ، فلما آن وقت وصول الحاج ، وسمع أن البلاد لأخيه ثقبة ، وليس له فيها أمر ، ارتحل إلى الحردة ، وبعث إليه أمير الحاج المصرى ، وهو الأمير عمر شاه بأمان ، وأمره أن يصل إليه ويصلح بينه وبين أخيه.
فتوجه إليه عجلان ولقيه بالجموم ، وأخلع أمير الركب على عجلان ، وسار معه إلى مكة. فلما أن وصل الأمير إلى الزاهر ، خرج إليه ثقبة وإخوته على جارى العادة ، لتلقى الأمير وخدمة المحمل. فأحاط به أصحاب الأمير ، وسألوا ثقبة فى الإصلاح بينه وبين أخيه عجلان ، فأبى إلا أن يكون السلطان رسم بذلك ، وصمّم على ذلك.
فقبض عليه وعلى إخوته ودخلوا بهم مكة محتاطين عليهم ؛ وأمّر الأمير عجلان على مكة ، فقبض عجلان البلاد ، وذهب أمير الركب بالأشراف إلى مصر تحت الحوطة.