حلى ، وعلى أموال كثيرة لأهلها ، واستأثر بأشياء من ذلك ، فلم يسهل ذلك بمن كان معه من بنى حسن ، وتغيرت عليه خواطرهم. وتقدم عنه إلى صوب مكة طائفة منهم. وكاتبوا أخاه سند بن رميثة ، وأطمعوه بالنصر وكان قد ظفر بجلبة فيها مال لتاجر مكى ، يقال له ابن عرفة ، فى غيبة أخيه بحلى ، والتأم عليه طائفة من بنى حسن ، وفرق عليهم ما نهبه ، وقدر أنه هلك بإثر ذلك ، فلم يجدوا شيئا يغيظوا به عجلان ، إلا بتوليتهم لولده أحمد بن عجلان عليه. وقالوا له : سله يزيدك ربعا آخر فتستويان ، وعرف بذلك عجلان ، فأعطى ولده ربعا آخر من حاصل البلاد ، لعلمه أنه يغرم ذلك وأكثر منه لبنى حسن ، ثم يصلحون بينهم على ذلك ، واستمرا على ولاية مكة ، وعلى أن يكون لكل منهما نصف الحاصل ، إلى سنة أربع وسبعين وسبعمائة ، أو قبلها بقليل ، ثم بدا لعجلان فى ترك الإمرة كلها لابنه أحمد على مال جزيل من النقد ، يسلمه إليه ابنه أحمد ، وعلى أن يشترى منه جانبا من خيله بمال جزيل شرطه ، وكان من سبب ذلك فيما قيل : أن عجلان حين رأى علوّ قدر ابنه أحمد ، ومحبة الناس له ، أمر لابنه محمد بخيل ودروع بنخلة ليضاهى أخاه أحمد ، فلم ينهض محمد لما أريد منه ، ونمى هذا الخبر إلى أحمد بن عجلان ، فعاتب أباه على ذلك ، واعتذر له ، وقال : سأترك لك البلاد.
فوقع الاتفاق بينهما على أن يعطيه من النقد ما شرطه عجلان ، وأن يكون له فى كل سنة الخبز الذى قرّر لعجلان بديار مصر ، على إسقاط المكس عمن يصل إلى مكة من المأكولات ، وعما يصل من الأموال مع حجاج الديار المصرية والشامية برا وبحرا ، وهو مائة ألف درهم وستون ألف درهم ، وألف أردب قمح ، وأن لا يسقط اسم عجلان من الدعاء فى الخطبة وغيرها ، مدة حياته.
فالتزم بذلك أحمد بن عجلان ، ثم إن عجلان ندم على ذلك وألح على ابنه أحمد ، فى تحصيل المال النقد الذى شرطه عليه ، استعجازا منه له عن تحصيله ، ليكون ذلك سببا إلى أن يرجع الأمر له كما كان من غير نكث منه ، فقيّض لأحمد بن عجلان من أعانه على إحضار المال المشروط ، فأحضره إلى أبيه.
فلم يجد أبوه من قبوله بدّا ، وامتعض من ذلك ، ووفّى أحمد لأبيه بما التزم له من اختصاص أبيه بمعلوم مصر ، والدعاء له فى الخطبة ، حتى مات أبوه عجلان فى ليلة الاثنين الحادى عشر من جمادى الأولى سنة سبع وسبعين وسبعمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة ، وبنى عليه فيها قبة ، وقد بلغ السبعين أو قاربها.