وكان ذا عقل ودهاء ومعرفة تامة بالأمور وسياسة حسنة ، وفيه محبة لأهل السنة ونصرة لأهلها ، وربما ذكر أنه شافعى المذهب ، وحين حضره الموت ، أوصى قاضى مكة أبا الفضل النويرى ، يتولى غسله والصلاة عليه مع فقهاء السنة.
وبلغنى أن معاوية بن أبى سفيان رضى الله عنهما ، ذكر عنده لينظروا رأيه فيه ، فقال عجلان : معاوية شيخ من كبار قريش ، لاح له الملك فلقفه. هذا معنى ما بلغنى عنه فى حق معاوية رضى الله عنه.
وكان ـ على ما بلغنى ـ يقوم الليل ، ويطوف كثيرا فى آخر عمره ، فلا جرم أنه رأى سعاة عظيمة ، وتهيأت له أمور حصل له بها فخر عظيم.
فمن ذلك : أن فى سنة ثلاث وستين وسبعمائة ، ملك البلاد المعروفة بحلى ابن يعقوب ، كما سبق ذكره ، وعظم شان عجلان بهذه الواقعة ، ومدحه الناس بسببها.
وما علمت ان أحدا قبله من الأشراف ولاة مكة ، استولى على حلى ، غير أبى الفتوح الحسن بن جعفر المتقدم ذكره ، ولم يتفق ذلك لأحد بعد عجلان ، إلا لولده السيد الشريف حسن بن عجلان.
وكان توجه إليها فى صفر سنة أربع وثمانمائة ، بعد موت صاحبها دريب بن أحمد بن أحمد بن عيسى مقتولا ، فى حرب كان بينه وبين كنانة ، فى يوم عرفة سنة ثلاث وثمانمائة ، وهرب منه الأمير موسى بن أحمد أخو دريب ، ورتب فيها الشريف حسن بن أحمد بن دريب وأخواله من بنى كنانة. وعاد إلى مكة فى جمادى الأولى من سنة أربع وثمانمائة.
ومن ذلك : ما اتفق فى أيامه ، من إسقاط المكس كما ذكرنا. وذلك فى سنة ست وستين.
ومن ذلك : تقدم أولاده فى النّجابة فى حياته وبعد موته. وقد ذكرنا فى هذا الكتاب شيئا من تراجمهم.
ومنها : اتساع الدنيا لديه. فقد يبلغنى أنه ملك من السقاية بوادى مر ونخلة ، مائتى وجبة ماء. وله من العمارات بمكة الموضع المعروف بالعلقمية عند المروة ، ومدرسة أنشأها بالجانب اليمانى من المسجد الحرام ، مطلة عليه ، مقابلة لمدرسة الملك المجاهد ، وحصن بجياد ، بلحف جبل أبى قبيس ، وحصن مليح ، بأرض حسان ، وأصائل حسنة بها وبغيرها من وادى مر ونخلة.